فلسطين أون لاين

إنجاز العياش

الشهيد المهندس يحيى عياش لماذا لا تنساه الأجيال المتعاقبة، مع مرور 21 عامًا على استشهاده وفراقه، ومع طول مدة غياب الجسد؟!، إنه الإنجاز الملموس على أرض الواقع، ولا شيء غير ذلك.

الإنجاز وحده هو ما يرفع أسهم الفرد في المجتمع، دون ضجيج، فالإنجاز يحقق تلقائيًّا التفاف الجماهير حوله، كونها متعطشة إلى كل جديد يحسن من أحوالها، ويساهم في رفع الظلم عنها، ويرفع من شأنها ومكانتها.

سوى الإنجاز من كلام منمق، وخطابات رنانة، ومجد زائف وإنجاز مصطنع ومفبرك، وبطولات وهمية، و"كان أبي" و"كان أخي" لا يدوم إلا لحظات عابرة، وسرعان ما يتبخر مع أول إطلالة للإنجاز الحقيقي.

الإنجاز، وما أدراك ما الإنجاز؟!؛ فلا يمكن لأحد _مهما أوتي من قوة تضليل وقلب للحقائق وفبركات ولي عنق الحقيقة_ لا يمكن له أن يحوله إلى عكس ذلك، كون الإنجاز ملموسًا ويعطي ثماره كل حين، كالشجرة الطيبة التي تعطي ثمارها الطيبة المباركة.

إنجاز العياش لم يحصل في ثورات العالم السابقة على الاحتلال؛ فالعياش فرض من عام 1992م حتى عام 1995م معادلة أن يخسر الاحتلال أكثر، ويسقط منه قتلى ضعفي ما كان يرتقي شهداء من الشعب الفلسطيني بفعل عملياته.

إنجاز العياش مازال يدق باب كل شرفاء وأحرار الشعب الفلسطيني والعالم قاطبة أنْ لا تسكتوا عن ظالم أبدًا، بل فكروا وشمروا عن أذرعكم، فبيت الظالم أوهن من بيت العنكبوت، إن أخلصتم النوايا، وأحسنتم التفكير، وأعددتم الخطط الجيدة، وتعلمتم من أخطائكم وأخطاء الثورات السابقة ولم تكرروها.

الشهيد المهندس لم يقف مكتوف اليدين ولم يرض لنفسه أن يكون ضمن الجمهور يتفرج، بل فكر وتأمل، وبادر وصنع وأبدع، ومن لا شيء (مواد أولية) عمل شيئًا عظيمًا، وأنجز للشعب الفلسطيني ما لم يتوقعه أحد يومًا ما.

فما الذي ميز الشهيد القائد المهندس يحيى عياش حتى سار تلقائيًّا في عرس شهادته كل أطياف وقوى الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيهم دون تمييز؟!، كيف تكون رأي عام جارف والتفاف حول العياش مع حالة الشحن الفصائلي غير المسبوقة على الساحة الفلسطينية التي مازالت حتى الآن؟!

أليست مفارقة لافتة أن يتغلب إنسان بسيط، طالب فلسطيني، فلاح، أتى من قرية نائية لم يسمع بها أحد من قبل إلا ما ندر على دولة صنعتها دول الغرب وأمدتها بكل أسباب القوة، وجعلها تفكر بموعد إزالتها وفنائها؟!

شاء من شاء وأبى من أبى، بأحرف من ذهب سيبقى تاريخ 5/1/1996م لا ينسى لدى الشعب الفلسطيني وكل أحرار وشرفاء العالم؛ ففيه استشهد المهندس القائد يحيى عياش؛ فصار باستشهاده وإنجازه مدرسة عالمية تعلم الأجيال تلو الأجيال معاني الحرية والكرامة.

سواء شاء "نتنياهو" أم أبى، إنه راحل، كونه لا يتعظ من دروس التاريخ، وكونه مثل الطغاة عبر التاريخ؛ فهو لا يريد أن يعطي الشعب الفلسطيني حقوقه ولا يريد وقف احتلاله، ولا يريد سوى قمع وقتل وتهجير الشعب الفلسطيني، ومن هنا في ظل غطرسته المتعالية إن كتاب ومحللين من كيان الاحتلال نفسه يتوقعون عودة أنموذج وإنجاز العياش للتخفيف من شدة الضغط والظلم؛ فلكل فعل رد فعل، والأيام دول، وما كان يصلح بالأمس ما عاد يصلح لليوم والغد؛ فهل تعلم الدرس هذه المرة قادة الاحتلال؟، لا نظن ذلك.