فلسطين أون لاين

​"أبو محسن".. وهبت نفسها لدعم وحدة الكوشوك بمخيم العودة

...
خان يونس - أحمد المصري

تقدمت جهاد أبو محسن صباح أمس، إلى مخيم العودة ببلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس، على متن عربة كارو تحمل على ظهرها عددًا من إطارات السيارات "الكوشوك" بغية إشعالها بالقرب من السياج الفاصل الذي يفصل القطاع عن الأراضي المحتلة عام 48.

وتحرصُ أبو محسن (48 عامًا) على جمع إطارات الكوشوك من ورش تصليح السيارات، على مدار أيام الأسبوع، لتنطلق بها صباح كل يوم جمعة قاطعة نحو 12 كيلومتر من بيتها غرب مدينة خان يونس وحتى المخيم المقام شرق خزاعة ودون أن تكترث للأجواء الماطرة أو الحارّة أيًّا كانت.

ويرافق أبو محسن ابنها الصغير محمد ابن الثمانية أعوام، حاملًا بين يديه بضع حبات من البصل لوضع بعضها على أنفه في حال تعرض لقنابل الغاز المسيلة للدموع، ويوزع حبات أخرى منه على الشبان المشاركين في المخيم.

وتجد أبو محسن في تعبها وإرهاقها في جمع إطارات الكوشوك، وقطع المسافة الطويلة التي تصل لنحو ساعة ونصف بتقديرها، جهدًا رخيصًا في سبيل حماية الشبان الثائرين من قناصة جنود الاحتلال الرابضين خلف التلال الرملية القريبة.

ومن واقع تجربتها وترددها على مخيم العودة والرباط فيه منذ انطلاقه في الـ30 من مارس/ آذار الماضي، فإن ستار الدخان الكثيف المنبعث من إشعال إطارات الكوشوك يحد من استهداف قناصة الاحتلال للشبان والمقيمين في المخيم.

ترى أبو محسن نفسها بمثابة جندية تسند شباب وحدة الكوشوك بحاجتهم في المخيم، وتنظر إلى نفسها كأم لهم جميعًا، ولا تبدي أي خشية من مخاطر استهدافها بالرصاص أو الغاز المسيل للدموع.

وتقول إنها أصيبت بقنبلة غاز مسيلة للدموع في رأسها مباشرة، وهو ما أصابها بجروح أدخلت على إثرها المشفى ليوم كامل، ورغم ذلك تؤكد أن مشوارها وعملها في المخيم "لم ينتهِ" و"سُيكتمل حتى النهاية".

وتحاول تبديد مخاوف زوجها من إصابتها وطفلها إصابة بليغة خلال مشاركتها في مسيرات العودة، وتذكيره دائمًا بالواجب الوطني الذي يحركها ويحرك كل المشاركين في مخيم العودة، وضرورة مساندة الشبان بما يحتاجون.

وتعود جذور عائلة أبو محسن إلى مدينة يافا المحتلة، وترى في مسيرات العودة وكسر الحصار المستمرة موعدًا مستحقًا للعودة للأراضي المحتلة جميعها، ودحر المستوطنين اليهود عنها، وإعادتهم إلى دول العالم التي قدموا منها منذ سبعين عامًا.

وتنظر بعينتين حائرتين برفقة طفلها إلى المناطق المحتلة التي تبدو قريبة جدًا، وتحصن جنود الاحتلال واستقدام المزيد منهم على الحدود المتاخمة، لمنع الشباب من الاقتراب للمنطقة، لتنطلق منها كلمات "قرب يوم عودتنا، نحن وراءهم والزمن طويل".

وتبدي إصرارًا غريبًا على تكرار قدومها "حتى آخر نفس" إلى مخيم العودة، والاستمرار في إحضار إطارات السيارات الكوشوك لإحراقها في المكان، وإمداد الشبان بما يحتاجون من أدوات مقاومة.

تهبط أبو محسن عن عربة الكارو بعد أن سارت بها إلى مكان قريب من نقطة إحراق إطارات الكوشوك، وبالقرب من السياج الحدودي، ليلتف حولها الشبان، حاملين ما جاءت به، ومقدمين لها الشكر بكنيتها "أم محمد" والتي بدأت معروفة لهم جميعا.