فلسطين أون لاين

​الصحفيون في مرمى نيران الاحتلال.. جريمة متعددة الأهداف

...
غزة - يحيى اليعقوبي


الإفرنجي: الاستهداف يدل على قلق الاحتلال وخوفه الكبير من الكاميرا

د. الدلو: الاحتلال لا يتورع عن استهداف الصحفيين لأن العالم لم يحاسبه



يمعن الاحتلال الإسرائيلي في استهداف الصحفيين الفلسطينيين، الذين يمارسون دورهم المهني في تغطية أحداث مسيرة العودة وكسر الحصار السلمية، التي انطلقت في 30 آذار (مارس) الماضي، إضافة إلى دورهم الوطني في فضح جرائم الاحتلال الذي يستهدف المشاركين في المسيرة.


ولم يرق الاحتلال الإسرائيلي أن يؤدي الإعلام الفلسطيني هذا الدور، الذي حرك مشاعر ملايين الأشخاص في أنحاء العالم تعاطفًا مع القضية الفلسطينية.


واستهدف الاحتلال الصحفيين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين الشهر الماضي، خلال تغطيتهما أحداث مسيرة العودة السلمية، ما أدى إلى استشهادهما.


ووفقًا لتقرير نشره المكتب الإعلامي الحكومي، عن انتهاكات الاحتلال بحق الصحفيين خلال نيسان (أبريل) الماضي: أصيب أكثر من 84 صحفيًّا في قطاع غزة، واستهدفت قنابل الغاز السام سيارات الطواقم الصحفية، وثق منها أربع حالات.


وبين المكتب أن 20 صحفيًّا أصيبوا بالرصاص الحي، منه المتفجر الذي أدى إلى استشهاد الصحفيين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين، وبتر ساق الصحفي يوسف الكرنز، وتمزيق في أوردة الصحفيين المصابين في أقدامهم، ومن بينهم حالتا كسر، أيضًا أصيب اثنان آخران بالرصاص المغلف بالمطاط، و12 حالة استهدفت بقنبلة الغاز مباشرة، ما تسبب في جروح وكسور في أجسادهم، و62 اختنقوا بالغاز السام، في حين أوصل الاحتلال تهديدًا مبطنًا إلى رسام الكاريكاتير د. علاء اللقطة.


في مرمى النار

رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين عماد الإفرنجي يقول: "من الواضح أن الصحفيين الفلسطينيين باتوا في مرمى نيران الاحتلال بصورة مباشرة، نتيجة المهنية العالية التي يتحلون بها، إضافة إلى شجاعتهم وتغطيتهم الموضوعية التي قاموا بها، وافضحت دعاية الاحتلال السوداء".


ويضيف الإفرنجي لصحيفة "فلسطين": "إن تغطية الصحفيين كشفت ووثقت الجرائم التي ارتكبت ضد الفلسطينيين، وأظهرت بصورة لا تقبل الشك أن مسيرة العودة وكسر الحصار مدنية سلمية يشارك فيها ألوان مختلفة من الفلسطينيين من الشباب والشيوخ والنساء، وأن جنود الاحتلال لم يتعرض لهم بأي أذى المشاركون في المسيرة، مع ذلك استهدفهم الاحتلال بالقتل المباشر".


ويبين أن الاحتلال يمارس أشكالًا مختلفة من التهديد للصحفيين بالقتل المباشر والإصابات المتعددة، من أجل إرباكهم وثنيهم عن ممارسة أعمالهم، محذرًا من خطورة استهداف الاحتلال للصحفيين، في ظل حالة الصمت التي يلتزمها المجتمع الدولي، ويمكن أن تصل إلى حد المشاركة في الجريمة، وجرأت الاحتلال وأعطته ضوءًا أخضر لاستهداف الصحفيين.


يلفت الإفرنجي إلى أن أهداف الاحتلال من استهداف الصحفيين كثيرة، منها أيضًا الاستفراد بالرواية والمشهد الإعلامي الدولي، لكنه يؤكد أن الصحفي الفلسطيني كشف زيف هذه الرواية، وسجل نقاطًا متقدمة في فضحها على الملأ، "لأن الصورة لا تكذب".


ويتابع: "الاحتلال يريد ارتكاب جرائمه بعيدًا عن عدسات الكاميرات، فيحاول فقأ عيون العدسات التي ترصد جرائمه"، مشيرًا إلى أن الاحتلال يقترف جريمة مزدوجة مرة بقتل المدنيين العزل، والأخرى بقتل الشاهد الذي وثق جريمته.


أيضًا يريد الاحتلال اختفاء الصحفيين والعدسات _وفقًا لقول الإفرنجي_ حتى يولغ في الدم، ويقتل دون حسيب أو رقيب.


ويضيف: "إن الاحتلال يعتقد أن استهداف الصحفيين سيجعلهم يرتدعون ولا يحضرون لتغطية مسيرة العودة وكسر الحصار السلمية، لكن أعداد الصحفيين في الميدان تزيد، لإدراكهم أنهم يحملون رسالة يجب أن يؤدوها على أكمل وجه".


ويؤكد الإفرنجي أن لصورة الإعلاميين الفلسطينيين مفعولًا سحريًّا إذ أحدثت تأثيرًا كبيرًا في العالم، مبينًا أنهم يملكون قلمًا وصوتًا وكاميرا يدافعون بها عن شعبهم بنقل الحقيقة، وتشكيل رأي عام ضاغط على الاحتلال، ومناصر للشعب الفلسطيني، ودحض رواية الاحتلال في المحافل الدولية.


ويشير إلى فشل أهداف الاحتلال الإسرائيلي، لافتًا إلى أنه يعيش في قلق وخوف من الكاميرا الصحفية.


غطرسة مستمرة

بدوره يقول أستاذ الإعلام عميد كلية الآداب السابق في الجامعة الإسلامية البروفيسور جواد الدلو: "إن أهداف الاحتلال من استهداف الصحفيين واضحة، ومنها محاولة إخفاء الحقائق وعدم إظهارها، وإخفاء الجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين الذين يطالبون باسترجاع أرضهم المحتلة".


ويضيف لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال يمارس جرائمه أمام مرأى ومسمع من العالم، لكنه يخشى أن تكشف الكاميرا والأقلام الفلسطينية هذه الجرائم".


يؤكد البرفيسور الدلو أن استهداف الاحتلال للصحفيين إمعان في الاعتداء على حقوق الصحافة التي كفلتها المواثيق الدولية بتأكيدها حرية التعبير عن الرأي، مبينًا أنه يمارس غطرسته بذلك، مع سبق الإصرار والترصد، ويرتكب الجرائم البشعة بحق الصحفيين، حتى لا تظهر جرائمه للرأي العام العالمي، ويخشى أن تفضح الجرائم التي يمارسها بحق المدنيين العزل.


ويلفت إلى أن الاحتلال لا يتورع عن استهداف الصحفيين، لأن المجتمع الدولي لم يحاسبه على هذه الجرائم، ولم تتحرك المنظمات الدولية المعنية بحرية الإعلام، ومنظمات حقوق الإنسان، والاتحاد الدولي للصحفيين للدفاع عن حقوقهم.


يقول البروفيسور الدلو: "في اليوم العالمي لحرية الصحافة كان حريًّا بهذه المنظمات الدولية في هذا المناسبة أن تتحرك، وتكبح جماح الاحتلال المتغطرس ضد الصحفيين".


ويؤشر حجم استهداف الاحتلال للصحفيين _وفق رأيه_ على أنه مأزوم عليه داخليًّا وخارجيًّا، لأنه لم يستطع حجب الصورة التي تنقلها وسائل الإعلام الفلسطينية إلى العالم الخارجي عن مسيرة العودة السلمية، على الرغم من كل القسوة التي مارسها على الصحفيين والمشاركين في المسيرة.


ومع ذلك إن الاحتلال فشل فشلًا ذريعًا، واستطاع الصحفيون نقل الصورة الحقيقية، وتأدية رسالتهم بامتياز، أيضًا الاحتلال لا يعرف كيف يكبح جماح هذه المسيرة السلمية التي تزداد قوة واندفاعًا كل يوم، بحسب ما يؤكد أستاذ الإعلام.