مع صباح كل يوم تخرج عائلات فلسطينية بأكملها للمشاركة في فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، التي انطلقت في 30 آذار/ مارس الماضي، قرب الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة عام 1948 للتأكيد على حقهم في العودة إلى قراهم وديارهم التي هجروا منها عنوة على يد العصابات الصهيونية عام 1948.
وتشارك العائلات بصحبة أطفالها في تقديم المياه للمتظاهرين السلميين بهدف التخفيف من آثار الغاز التي يطلقها عليهم جنود الاحتلال، المتمركز على الحدود الشرقية للقطاع، الأمر الذي أدى إلى استشهاد 44 فلسطينيًا واصابة 6122 آخرين.
وتدحض مشاركة العائلات بصحبة أطفالها الروايات الإسرائيلية والأمريكية باستخدام الأطفال دروعا بشرية من قبل المتظاهرين السلميين خلال مشاركتهم في فعاليات مسيرة العودة، والتي تساوق معها مستشار رئيس السلطة للشؤون الدينية، محمود الهباش، خلال خطبة يوم الجمعة في مسجد التشريفات، في رام الله.
والخميس الماضي، جددت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى المنظمة الدولية السفيرة نيكي هيلي، في إفادة لها أمام جلسة لمجلس الأمن، ادعاءات بلادها بأن حركة حماس "تستخدم المدنيين دروعًا بشرية"، متجاهلةً أي إشارة إلى الانتهاكات الإسرائيلية بحق المتظاهرين الفلسطينيين في غزة.
وكذب نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ياسر عبد الغفور، كافة الادعاءات التي تتحدث عن استخدام الأطفال كدروع بشرية من قبل المتظاهرين السلميين على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وقال عبد الغفور لصحيفة "فلسطين": "يتضح من خلال حضورنا الميداني وتوثيقنا بالصوت والصورة أن استخدام الأطفال والنساء دروعا بشرية غير دقيق"، مرجعًا ذلك لأن المسيرة سلمية وتخلو من وجود أية مظاهرة مسلحة.
وأشار إلى مشاركة عائلات بأكملها واشتراك بعضهم في تقديم المياه للمتظاهرين بهدف التخفيف من آثار الغاز التي يطلقها جنود الاحتلال عليهم تؤكد سلميتها، لافتًا إلى أن المشاركين بها يرفعون الأعلام دون وجود أي مؤثرات من أي جهة سياسية تدفعهم لذلك.
وأكد عبد الغفور أن الاحتلال يستخدم القوة المفرطة بحق المشاركين في المسيرة، مضيفًا: "وثقنا العديد من الحالات لاستهداف الاحتلال أطفالاً في الصفوف الخلفية وهم بعيدون عن ما يعرف بمنطقة الخطر".
وأضاف: "في حال اقترب الأطفال والشبان إلى الحدود الشرقية للقطاع، فهم لا يشكلون خطرًا على جيش الاحتلال الذي يبعد عن السياج الفاصل بحوالي 250 مترًا، في حين يضع جيش الاحتلال الإسرائيلي ثلاث سواتر تمنع وصول المدنيين لهم كالسياج الفاصل والسواتر الترابية".
وبين عبد الغفور أنه ومنذ بدء انطلاق مسيرة العودة وحتى اللحظة، لم يتم تسجيل أي إصابة لجنود الاحتلال الإسرائيلي ما يؤكد أن المسيرات سلمية وأن الاحتلال هو من يطلق النار على المدنيين.
وأكد أن مركزه يتابع بشكل مستمر انتهاكات الاحتلال بحق المعتصمين السلميين شرق محافظات القطاع، ويوثقها لبناء ملفات قانونية متكاملة عنها للتحرك لدى المحاكم الإسرائيلية والتوجه للجنائية الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه المرتكبة بحق المدنيين.
تبرير القتل
بدوره، اعتبر عضو الهيئة التنسيقية لمسيرة العودة صلاح عبد العاطي، التصريحات الإسرائيلية والأمريكية بشأن استخدام المدنيين وخاصة الأطفال دروعا بشرية أثناء التظاهرات السلمية، محض افتراء وكذب.
وأوضح عبد العاطي لصحيفة "فلسطين" أن الهدف من التصريحات الأمريكية والإسرائيلية تبرير عمليات قتل وإصابة الأطفال المشاركين في التظاهرات السلمية بدم بارد، معربًا عن خشيته أن تكون تلك التصريحات مقدمة لتوسيع دائرة استهداف الأطفال.
وأكد أن الاحتلال يستهدف المعتصمين السلميين على الحدود الشرقية للقطاع بشكل عمد، مشيرًا إلى أن عمليات الرصد والتوثيق التي قامت بها الهيئة منذ بدء مسيرة العودة وحتى اللحظة أظهرت عدم وجود أي خطر على جنود الاحتلال الذي لا يتوانى بإطلاق النار على الأطفال والنساء والشبان الذين حضروا للاعتصام السلمي.
وتميزت مسيرة العودة، وفق عبد العاطي، بسلميها وخلوها من أي مظاهر مسلحة أو مسلحين، إذ يشارك بها آلاف الشيوخ والنساء والأطفال والشباب وعائلات بأكملها في محاولة منها للتظاهر السلمي، والاحتجاج، والتأكيد على مطالبهم بالعودة لديارهم التي هجروا منها قسرًا قبل 70 عامًا.
وأكد عبد العاطي، أن استهداف الاحتلال للأطفال والمشاركين في مسيرة العودة يتنافى مع نصوص وقواعد القانون الدولي والانساني خاصة حماية المدنيين، مطالبًا المجتمع الدولي، وهيئة الأمم المتحدة وأجسامها ومجلس حقوق الانسان للقيام بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية لحماية المدنيين الفلسطينيين والمتظاهرين في الحراك الشعبي السلمي.
وشدد على ضرورة توفير الحماية للأطقم الطبية والصحفيين والنساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل على منع الاحتلال من استهدافهم ومحاسبته على جرائمه المرتكبة بحق المدنيين والتي تخالف الأعراف والقوانين الدولية.
ومنذ 30 مارس الماضي يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة اعتصامهم السلمي قرب السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة ضمن فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار المقرر تواصلها حتى منتصف مايو المقبل.