اليوم هو (الثلاثون من أبريل 2018م)، يعدّ من أخطر الأيام التي تمر بها القضية الفلسطينية، حيث إنها تمر في منعطف خطير للغاية، ويعدّ محطة فارقة وحساسة في تاريخ الشعب الفلسطيني.
لقد رأى الجميع الإصرار غير المفهوم على عقد المجلس "الوطني" بصورته الانفصالية والعنصرية والتفردية، وفي ظل وفاة العشرات من أعضائه وغياب أكبر أربعة فصائل وتزامنا مع رفض أكثر من 100 عضو من أعضائه الأحياء لانعقاده، حيث إن ذلك يعدّ شهادة وفاة حقيقية لشرعية هذا المجلس غير الوطني والذي لا يمثل الكل الفلسطيني مطلقا.
دعونا نكون عميقين في التفكير تجاه القضايا والأحداث الدائرة وخاصة تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية؛ ويا حبذا لو تُفهّموننا كيف للمجلس "الوطني" أن يكون شرعيا وفقا للمعطيات أعلاه؟ كيف له أن يكون شرعيًّا وهو يعقد بعيدا عن الإجماع الوطني والوحدة الفلسطينية، كيف له أن يكون شرعيا وهو يعمل على ترسيخ وتأكيد مسألة فصل قطاع غزة عن باقي فلسطين وما صاحب ذلك من إجراءات عقابية إجرامية بحق شعبنا الفلسطيني ابتداء بمباركة سياستي الحصار والإغلاق ضد غزة، وما صاحب ذلك من قطع للكهرباء ومنع للمرضى من العلاج ووقف التحويلات العلاجية، وكذلك سرقة أموال المقاصة الخاصة بقطاع غزة، واستمرار سياسة قطع رواتب الموظفين والشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، ثم الأخطر من ذلك ما يتلو انعقاد "المجلس الوطني" من نقل السفارة الأمريكية إلى عاصمتنا القدس المحتلة وبموافقة باطنية للسلطة الفلسطينية ومعارضة استهلاكية "إعلامية".
لماذا أصبح من الصعب على بعض الناس - وأقول البعض – الاعتراف بأن ما تمر به القضية الفلسطينية هو الأخطر عليها كونه يأتي في إطارات التصفية النهائية وبعيدا عن اعتبارات المناكفات المشئومة؟ إن هذا كله يا سادة يُعني حرق لكل الأوراق الوطنية وإبادة لسفن الوحدة الوطنية واغتصاب حقيقي لحقوق شعبنا الفلسطيني وقتل للمصالحة مع سبق الإصرار والترصد كما ويعني عمليا تصفية القضية الفلسطينية.
نحن أبناء فلسطين لا يمثلنا مجلس وطني انفصالي يسعى لتفريق الشعب الفلسطيني وتمزيق ثوابته، لا يمكن القبول بمخرجات تساهم في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير مقدراته الوطنية وفي مقدمة ذلك إلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم المحتلة عام 1948م والذي أقرته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
من وجهة نظر الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا الفلسطيني فلقد آن الأوان لأن نقف سدا منيعا أمام مؤامرة العصر، وليس غريبا علينا أن ندافع عن قضيتنا الفلسطينية بأرواحنا ودمائنا في وجه تطبيق أي خطوة تصفوية تأتي في إطار إنهاء القضية الفلسطينية، فليس نحن من يبيع وطنه وبلاده، وعار يلاحقنا مدى الأزمان لو وافقنا على ذلك.
لن يسمح شعبنا الفلسطيني بتمرير هذه المهزلة التاريخية، ولن يكتب التاريخ عن شعبنا أنه سيتهاون وسيفرّط بذرة تراب واحدة من أرضنا فلسطين التاريخية، فهي عقيدتنا وآية من القرآن الكريم، وإنا سنقدّم دماءنا وأرواحنا رخيصة وسنستشهد على ثرى فلسطين الغالية، فوالله إن الشهادة والقتل في سبيل الله ثم في سبيل الدفاع عن فلسطين المقدسة لهو أهون من أن ننظر بعيوننا إلى حبيبتنا فلسطين وهي تباع في سوق النّخاسة، فالذي باع 78 في المائة من أرض فلسطين في مسيرة التسوية والتصفية منذ غزة أريحا أولًا، لا يمكن أن يكون أمينا على مقدرات شعبنا الفلسطيني في الوقت الراهن.
ابتكر أبناء شعبنا الفلسطيني وعلى مدار سنوات طويلة من النضال والمقاومة طرقاً رائعة ورهيبة للدفاع عن أرضنا ومقدساتنا، وهذا ما يزرع في قلوبنا الأمل والأمان نحو قضيتنا، لذا فإنه ينبغي علينا جميعا وبلا استثناء أن نحرق الأرض تحت أقدام المحتل وفي كل مكان.
لم يستطع المحتل الإسرائيلي في كل جولة أن يخفي غيظه من رجال الضفة الغربية ورجال القدس المحتلة ورجال الشتات ورجال غزة، فهؤلاء كلهم مجتمعون هم أمل الأمة الذي ينعقد على أكتافهم أمانة التحرير وحماية القضية والثوابت، فهذا الزمن وقتكم لكي تقفوا متراساً أمام المتآمرين والغاصبين والمفاوضين والمحتلين، لا توافقوا على هذه التصفية لقضيتكم العادلة، وينبغي أن ننفض العار الذي ألصقه المفاوضون والمنسّقون أمنيا بالقضية الفلسطينية، لأن السكون عن ذلك جريمة مركّبة ولا يمكن أن تمر ولو على جثثنا.