فلسطين أون لاين

​بعد الجامعة.. يبدأ "دوام" محمد في مخيم العودة

...
غزة - مريم الشوبكي

حينما تطأ قدماك مخيم العودة شرق مدينة غزة، على الأرجح سيكون أكثر ما يشد انتباهك مشهد الصبيان والشبان الذين يقفون على مقربة من السياج الفاصل، لا خوف ولا جزع يتملك قلوبهم، يرفعون علامة النصر أمام بنادق جنود الاحتلال المشرعة على الجانب الآخر حيث الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

يتوشح بعضهم بالكوفية، وآخرون يرفعون علم فلسطين، وإذا سألتهم السؤال البديهي: "ألا تخافون رصاص القناصة؟"، فإنهم بتلقائية وبدون تفكير سيردون: "الكوفية والعلم يستفزان جنود الاحتلال، فيطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص تجاهنا، ومع ذلك لا ننزع الكوفية ولا نخفض العلم".

تستفز القناصة

"محمود السعودي" توشّح كوفيته واقترب من "نقطة الصفر"، الأمر الذي استفز القناص الإسرائيلي الذي كان يتمترس خلف تلة رميلة عالية جعلته يوجه فوهة بندقيته نحوه، ما دفع "محمود" إلى التراجع قليلًا، ولكنه ما لبث أن عاد بنفس هيئته.

"السعودي" يبلغ من العمر 17 عاما، طالب جامعي يدرس الهندسة، يقطن حي التفاح الواقع شرقي مدينة غزة، منذ انطلاق مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، اعتاد أن يُنهي محاضراته الجامعية، ومن ثم يتوجه نحو مخيم العودة المُقام عند موقع "ملكة" الحدودي بصورة شبه يومية.

"فلسطين" قابلت "السعودي" في المكان، وطلبت منه أن يحدّثها عن يومياته في المكان، فقال: "أتردد على هذا المكان منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامت قراره الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ومع انطلاق فعاليات مسيرة العودة أحضر إلى موقع ملكة كل يوم تقريبا، أما يوم الجمعة، المشاركة فيه بالمسيرة فرض ولا مجال للتفكير فيه، بالنسبة لي".

وأضاف: "أحفظ تفاصيل المكان عن ظهر قلب، وهنا حضرت الكثير من المشاهد المؤلمة، لشهداء ومصابين وقعوا في المكان، هذه المشاهد لم ترعبني ولم تدفعني للراجع، بل هي تزيدني قوة، وتحثّني على الاستمرار في المطالبة لحقي في العودة".

وتابع: "في الجمعة الثالثة من مسيرة العودة، جمعة حرق العلم، استطاع الشباب شد السلك الشائك، وقمت بمشاركتهم في شده وفي هذه الأثناء أصيب شاب كان بجواري واستشهد على الفور".

ما حفز "السعودي" على التوجه يوميا إلى مخيم العودة هو استشهاد أخواله، إضافة إلى إصراره على المطالبة بحقه في العودة إلى قرية "المحرقة".

البعض يعترض على هذه المسيرة، مبررا ذلك لأنها لن تحقق هدفها بالعودة إلى الأراضي المحتلة في الوقت الراهن، فما رأي الشاب "السعودي"؟، يردّ: "فعليا هذه المسيرة لن تحقق العودة حاليا، ولكن خروج الآلاف للمشاركة فيها من جنوب القطاع حتى شماله يثبت حقهم في العودة مهما طال الزمن".