لم تمضِ ساعات قليلة على إعلان اللجنة العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار انتهاء فعاليات جمعة "الشباب الثائر" وبدء التحضيرات للجمعة السادسة، حتى شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارات مفاجئة على عدة أهداف داخل قطاع غزة بزعم الرد على "محاولات" اجتياز السياج الفاصل، وفق ما صرح الناطق باسم جيش الاحتلال.
واعتبر مراقبون مختصون بالشأن الإسرائيلي أن القصف الذي استهدف قاربي صيد في ميناء غزة البحري وموقعا لكتائب القسام بمدينة دير البلح، مساء أول من أمس، يكشف مدى الإحباط الإسرائيلي في مواجهة مسيرة العودة التي تأخذ منحى تصاعديًا من جمعة لأخرى، مؤكدين على ضرورة تكثيف الزخم الشعبي السلمي بهدف تفويت الفرصة على الاحتلال الساعي لعسكرة المسيرة وخلط الأوراق.
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي د. صالح النعامي إن القصف يعكس شعورا إسرائيليا بالإحباط من انجازات المواطنين الذين شاركوا في مسيرة العودة يوم الجمعة الماضية ونجاحهم في نزع أجزاء من السلك الفاصل، لافتًا إلى أهمية عدم وقوع قيادة المسيرة فريسة لمطامع الاحتلال.
وأضاف النعامي لصحيفة "فلسطين": "تحاول قوات الاحتلال في الوقت الجاري الاستعاضة عن فشل انتشارها العسكري على الحدود باحتواء الحراك من خلال محاولة فرض معادلة ردع جديدة تقوم على جباية ثمن من المقاومة ردا على أي تقدم للحراك، بهدف اقناعها بالعمل على وقف المسيرة، أو استدراجها لمواجهة تفضي إلى تصفية المسيرة".
وأشار إلى أن قوات الاحتلال محبطة بعدما دفعت بصف قوات المشاة لديها نحو مناطق السياج الفاصل وقد فشلت ليس فقط في احتواء فعاليات المسيرة بل في وقف تطورها أيضا، وهي تجد صعوبة في توفير القوى البشرية العسكرية القادرة على مواجهتها.
في حين أوضح الكاتب والمحلل السياسي مأمون أبو عامر، أن الاحتلال سيركز جهوده خلال الأيام والأسابيع المقبلة لمنع امتداد مسيرة العودة بكل الوسائل بما في ذلك الاعتداءات العسكرية، وذلك في ظل شعوره بالعجز والاحباط في وقف المسيرة خاصة بعد وقائع جمعة "الشباب الثائر" الأخيرة.
وقال أبو عامر لصحيفة "فلسطين" "قرأ قادة الاحتلال أحداث الجمعة الأخيرة على أنها صورة مصغرة مما قد يحدث في ذكرى النكبة بمنتصف الشهر القادم، وفي ذات السياق كشفت الأحداث عن مدى تخبط جيش الاحتلال في مواجهة المشاركين في المسيرة السلمية الشعبية".
ورأى أن فصائل المقاومة في غزة يتوجب عليها الالتزام بسياسة ضبط النفس وتجنب الدخول في مواجهة عسكرية مع الاحتلال مهما كان شكلها وذلك حتى منتصف الشهر المقبل "الذي من المؤكد أنه سيشهد تطورات مثيرة يخشى الاحتلال نتائجها".
معادلة جديدة
فيما ذكر المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات أن فعاليات "الشباب الثائر" حظيت بمتابعة دقيقة من قيادات الاحتلال، فوصفوا الزخم والتفاعل الشعبي الكبير مع المسيرة ونجاح الشبان في قص أجزاء من الشريط فضلا عن مواجهة الجنود بالحجارة من على بعد أمتار قليلة، بالتطورات الخطيرة التي تستدعي تغيير المعادلة".
وأوضح بشارات لصحيفة "فلسطين" أن المعادلة الجديدة قائمة على "ردع" حركة حماس بالقوة العسكرية المباشرة، وهو ما أشار الاحتلال إليه في نهاية الجمعة قبل الماضية عندما هدد صراحة بضرب مواقع في داخل القطاع إذا ما استمرت مسيرة العودة قبالة السياج الفاصل.
ونبه إلى أن الاحتلال يحاول ردع حركة حماس أو الضغط عليها لإجبارها على الموافقة على المقترحات المطروحة -إن وجدت- لوقف مسيرة العودة ومنع استمرارها قبل وصولها إلى الذروة في ذكرى النكبة منتصف الشهر القادم.