قادة وكوادر وأعضاء الفصائل الفلسطينية هم "فلسطينيون" الهوى والهوية، وهم "لاجئون" عاشوا وعانوا مثلما عاش الشعب وعانى، وأكلوا وشربوا مثلما أكل الشعب وشرب، وناموا في خيام لا تقي حرارة الشمس ولا برد الشتاء، آلمتهم أنفسهم وهم يرون أن أمواج الحياة تقذف عليهم المآسي بلا رحمةٍ أو شفقة.
وإزاء التخاذل الدولي والعربي تجاه فلسطين وأهلها ارتأى القادة أن ينفضوا غبار التراخي والكسل الذي زرعته الأنظمة العربية في قلوب اللاجئين الفلسطينيين، فحملوا هم القضية على أكتافهم وجالوا بها في بقاع الأرض كل بما يعرف ويقدر، ولاقوا في سبيل ذلك الألم الكثير، فمنهم من قضى نحبه بعدما قضى من عمره سنوات في السجن والإبعاد والمطاردة، ومنهم من ينتظر ولا زال يقدم نفسه وأهله وروحه وماله وبيته ووقته وطموحاته الشخصية من أجل فلسطين والعودة لها.
أقول هذا ولا أزكي على الله أحد منهم، ولا أعفيهم فيهم مما بالبشر من أخطاء على الصعيد الشخصي والسياسي.
ولما طُرحت فكرة مسيرة العودة الكبرى أجمع قادة الفصائل على ضرورة تبنيها بشكل لا يخل بمضمونها ولا يقلل من حجم التفاعل معها داخلياً وخارجياً من خلال الحرص على عدم إظهارها بمظهر الحزبية ، لأن هذه المسيرة تتناغم مع حقوق ورغبات الفلسطينيين كلهم وليست حكرا لفصيل معين، ومع قوانين دولية.
ففي ورشة نظمتها حركة الأحرار في مقرها الرئيسي بغزة بعنوان (قراءة في آليات وأهداف مسيرة العودة وكسر الحصار) بحضور الأمين العام لحركة الأحرار خالد أبو هلال، وممثلي عن حماس والجهاد والشعبية والديمقراطية.
قال أبو هلال اللاجئ من قرية بشيت " مسيرة العودة نجحت في إعادة الاعتبار للعمل الوطني الجمعي الموحد، وأثبتت أن المقاومة بكافة خياراتها هي السبيل الأمثل لمواجهة الاحتلال وإجرامه بحق شعبنا الأعزل، وأن من يفرق شعبنا هو التنسيق الأمني ومسيرة التسوية والمفاوضات العبثية التي تصر عليها السلطة ".
كما أن طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية " دعا أبناء شعبنا في الضفة للتحرك والالتحام مع حراك غزة، مطالبا السلطة بالتوجه للمحاكم الدولية لمحاكمة الاحتلال ومحاسبته على إجرامه بحق شعبنا السلمي الأعزل واستثمار هذا النضال لتحقيق أهداف وتطلعات شعبنا الفلسطيني.
هذه التصريحات تعبر عن مدى شعور قادة الفصائل بمدى المرارة التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني في كل مكان، لأنهم يريدون للاجئ الفلسطيني أن يعود لبلده ويعيشُ فيها حراً عزيزا بلا تضييق عليه في حريته أو منعه من أبسط الحقوق، وكما قال صلاح خلف في كتابه فلسطيني بلا هوية ( إن انظمة عربية تنظر للفلسطيني على أنه إما مشبوه أو اجنبي، وقلما نجد نظاماً عربياً أنصف الفلسطيني)،
إن الواجب تأكيده بأن القائد الذي يتبنى قضية الشعب قولاً وفعلاً يتجه إليه الشعب بكل حب ،ويقف معه ويصبر على ما يتعرض له من مخاطر وشدة ،حتى تشرق على الأرض أنوار التحرير، أما من يتنازل عن أرضه ويحاصر من يقاوم ويدافع عن البلاد والعباد من أجل إرضاء العدو، فسيلعنه الله ورسوله والمؤمنون.