ضمن مخططاته لسحب الوصاية الأردنية عن المسجد الأقصى المبارك، واستبدال دائرة الأوقاف الإسلامية المشرفة على شؤون المسجد بوزارة الأديان الإسرائيلية، تبذل سلطات الاحتلال جهوداً مضنية لمنع ترميم وإعمار المسجد الأقصى منذ سنوات طوال.
ومنذ نحو 15 عاما بدأت سلطات الاحتلال بفرض حصار وقيود مشددة على موظفي الإعمار في المسجد، فيما شددت من إجراءاتها مطلع العام الجاري حين هدد ضابط في شرطة الاحتلال مهندس لجنة الإعمار بالاعتقال في حال نفذ أي ترميم في المسجد وباحاته.
المدير العام لدائرة الأوقاف الاسلامية وشؤون الأقصى الشيخ عزام الخطيب، أوضح أن سلطات الاحتلال بدأت بالتضييق على مشاريع الأوقاف والتدخل في إدارة شؤون المسجد منذ عام 2003، مشيراً أن أخطر قرار اتخذته حينها هو فتح "السياحة الخارجية" من طرف واحد، بالتالي السماح باقتحامات المستوطنين للأقصى .
وبين الخطيب لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يحاول فرض قانون الآثار الإسرائيلي على المسجد من خلال مطالبة دائرة الأوقاف بالتنسيق مع الدوائر الإسرائيلية والسماح لها بالإشراف الكامل على مشاريع الإعمار .
وشدد الخطيب على رفض دائرة الأوقاف لأي تنسيق مع سلطات الاحتلال أو السماح لهما بالإشراف على المشاريع، فالأقصى تحت إدارة وإشراف الأوقاف الإسلامية وهي الوحيدة المخولة والمسئولة عن جميع ما يتعلق بالمسجد المبارك البالغ مساحة 144 دونماً وما حوله بجميع ما يحتويه من إدارة وترميم وصيانة وعمران.
وأكد حق الأوقاف الإسلامية في جلب المواد اللازمة كافة للترميم، ولا مشكلة لديها في إطْلاع شرطة الاحتلال على المواد قبيل إدخالها للمسجد "لكن نرفض بشكل قاطع التدخل في طبيعة عملنا في الساحات والمصليات".
وأفاد الخطيب بأن القرار الإسرائيلي بمنع الترميم شمل جميع المشاريع القائمة كالفسيفساء والزخارف الجبصية الملونة وغير الملونة داخل المسجد الأقصى، إضافة إلى ترميم سقف المصلى المرواني ومشاريع الإنارة الداخلية والخارجية في المسجد، ومشروع تغيير الرخام الخارجي لقبة الصخرة.
وأوضح أن أبرز المشاريع المعطلة -من قبل المنع الأخير- هو مشروع ملك الأردن عبد الله الثاني الخاص بإنارة قبة الصخرة من الخارج.
ولفت الخطيب إلى أن الضغوط التي مارستها الحكومة الأردنية خلال الأشهر الثلاث الماضية كانت كفيلة بوقف قرار منع الترميم والسماح بصيانة كهرباء قبة الصخرة التي تعطلت بفعل ماس كهربائي، غير أن لجنة الإعمار عادت لمزاولة عملها ضمن شروط فرضها الاحتلال.
من جهته، قال مهندس لجنة الإعمار في المسجد الأقصى بسام الحلاق إن قوات الاحتلال وإن عاودت السماح للجنة بالعمل إلا أنها لم ترفع يدها تماماً عن التدخل في أمور الإعمار، كما أنها لم تسمح بتنفيذ عدة مشاريع تم تعطيلها ومنعها منذ عشرات السنين .
وبّين الحلاق لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يمنع منذ عشرات السنين إزالة أكوام من الأتربة والنفايات من المنطقة الشرقية في الأقصى كما يمنع تبليط ساحات المسجد ومصاطبه، إضافة إلى منع إصلاح البنية التحتية التالفة من كهرباء وماء وشبكة اتصالات أرضية .
كما يمنع تأسيس نظام إنذار وإطفاء في المسجد ويعطل جميع المشاريع الزراعية في الأقصى فلا يمكن تقليم شجرة تالفة.
وذكر الحلاق أن الاحتلال لا يزال يمنع دائرة الأوقاف الإسلامية من ترميم منطقة باب الرحمة حيث كان أصدر قرار بإغلاق الباب، كما ويمنع افتتاح مركز باب الغوانمة لخدمة المصلين في شهر رمضان المبارك .
ولفت إلى أن سلطات الاحتلال ما زالت تلاحق مهندسي وموظفي لجنة الإعمار إذ منعت السبت الماضي الموظف رائد زغير من دخول الأقصى مدة أسبوع بعد اعتقاله وهو على رأس عمله .
من جهته، عدّ رئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث ناجح بكيرات، لجنة إعمار المسجد الأقصى أحد أهم اللجان العاملة في المسجد، فالترميم والإعمار ضرورة مُلحة من أجل إبقائه مخولاً لاستقبال المصلين والوافدين إليه، وخاصة ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك .
وقال بكيرات: "العارف بالمسجد الأقصى ويعلم حال مصلياته وساحاته يلامس حاجات ومتطلبات رواده في الأيام العادية والموسمية، ويدرك تماماً بأنه لا مجال لوقف الإعمار في المسجد للحظة واحدة، فكل ساعة تمر دون صيانة وترميم تمثل مشكلة حقيقية تهدد تاريخ وآثار المسجد الأقصى".
وطالب بكيرات بضرورة الضغط على حكومة الاحتلال من قبل الحكومات العربية والإسلامية كافة كي ترفع يدها تماماً عن المسجد الأقصى وتمكن دائرة الأوقاف من القيام بعملها على أكمل وجه في خدمة الأقصى ورواده.