فلسطين أون لاين

في الإسعافات الأولية.. أخطاء تودي بحياة المُصاب

...
غزة - رنا الشرافي

الإسعافات الأولية هي الرعاية الطبية التي تُقدم للمصاب في اللحظات الأولى من تعرضه للإصابة، وهي الحدث الأبرز الذي يحصل على أرض الميدان في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار التي انطلقت على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة عام 1948، في الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الفلسطيني، ففور إصابة أي مشارك في المسيرة، يتجمهر آخرون حوله، ويسارعون في نقله إلى سيارات الإسعاف، ولا ينتظرون وصول الطواقم الطبية لتتولى الأمر.

الأسلوب الصحيح في تقديم الرعاية الطبية عبر الإسعافات الأولية ترتكز عليه نسبة كبيرة جداً من نجاح عملية إنقاذ حياة المريض، بينما في حال حدوث أخطاء في الإسعاف الأولي قد يفقد المصاب حياته، أو يتفاقم من ضرر الإصابة.. عن هذه المحاذير الطبية لتفادي زيادة الضرر في معالجة المصابين خلال مسيرات العودة الكبرى، يتحدث لـ"فلسطين" المدرب الدولي في الإسعاف الأولى معتصم نصر الله.

أخطاء قاتلة

قال نصر الله: "لطالما طواقم الإسعاف لطالما كانت شاهدة على الجرائم الإسرائيلية، وإبان عملها في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار على حدود قطاع غزة، تطوّع الكثير من الشباب والشابات للعمل في نقاط الإسعاف والخيام الطبية، وكانوا شهوداً على بيئة من الإصابات (المريعة)".

وأضاف في حديث لصحيفة "فلسطين": "توقع المسعفون أن يروا إصابات عادية نظرا لكون أغلب الإصابات في الأطراف السفلية، لكن الأمر لم يكن كذلك، فالاحتلال يستخدم في قنص المتظاهرين أنواع أسلحة غير معتادة بالنسبة لنا، مثل الرصاص المتفجر المحرم دوليا".

وبين مدى خطورة الرصاص المتفجر، حيث إنه يفتك بالعضو المُصاب ويعمل عل تهتك أنسجته وعظامه، مما يحول الإصابة التي كان من المفترض أن تكون متوسطة، إلى خطيرة ومُهددة للحياة.

وأشار نصر الله إلى أن بعض الأخطاء في إسعاف المصابين قد نكون سببا في تفاقم المشكلة، خاصة فيما يتعلق بمبادئ إسعافات الطلق الناري ونزيف الشريان، فهذه الإصابات تعدّ من الإصابات المهددة للحياة.

وإضافة إلى ما سبق، فإن استعجال المتظاهرين في حمل المصاب عن الأرض وتوليهم أمر نقله إلى الطواقم الطبية دون انتظار وصولها، يضر المُصاب بحسب نصر الله.

وأوضح: "البعض يتساءل، هل يموت إنسان من مجرد طلق ناري في الفخذ؟! الإجابة نعم، إذ إن نزف الشريان الفخذي من أكبر الإصابات المهددة للحياة، وفي زمن قصير يتراوح بين ثلاث إلى خمس دقائق قد يتصفى دم المُصاب فيموت، إذا لم يتم إسعافه بطريقة صحيحة".

وبيّن أنه في بعض الحالات قد تحدث عدة إصابات للشخص نفسه، بفعل تمزيق الطلق الناري للشريان وكسره للعظام، وهذه الحالات يلزمها التعامل مع الكسر والنزيف في آن واحد، وتحتاج إلى مسعفين على دراية كبيرة.

وأكد أن إصابات البطن بالطلق الناري، كإصابة الشهيد ياسر مرتجى، تؤدي إلى تهتك في الأعضاء الحيوية الداخلية، كالكبد والطحال، وعلى إثرها يفقد المصاب الكثير من الدم في غضون دقائق قليلة، ولذا فهو بحاجة للوصول إلى المستشفى مباشرة في غضون ثلاث دقائق فقط.

وقال نصر الله: "ما حدث على أرض الميدان، في بعض الحالات، كان مخالفا لقواعد الإسعاف الأولي السليم، حيث إن إصابات النزيف تم حملها من أرض الحدث كما هي دون (ربطة المفتاح) وإيصالها للإسعاف".

وأضاف: "سيارات الإسعاف تقف بعيدا عن منطقة الاستهداف نظرا لطبيعة الأرض الوعرة، لذا يتعامل البعض مع الإصابة بشكل خاطئ، ثم يتم نقلها إلى خيم المستشفى الميداني، ومن ثم للمستشفى، بينما بعض الحالات يلزم نقلها للمستشفى مباشرة دون الرجوع للمستشفى الميداني، إذ كانت الإصابة في البطن".

وشدد على ضرورة وضع لائحة، مسبقًا، من قبل المسؤولين في المجال الطبي، تتناول إرشادات للتعامل مع المصابين وآلية النقل، بالإضافة إلى عقد دورات لكل الطواقم الإسعافية في كيفية التعامل مع الإصابات المختلفة وكيفية النقل الآمن لهذه الإصابات.

وقال: "ومن هنا يجب على الجميع أن يأخذ الآية الكريمة على محمل الجد لكي لا يقع في الإثم وعتاب الضمير، إذ يقول الله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا)".