فلسطين أون لاين

كفاح السرسك.. ضيفةٌ دائمة في "فعاليات الحدود"

...
كفاح السرسك
غزة - مريم الشوبكي

حينما تزور مخيم العودة شرقي مدينة غزة، يلفت نظرك تنقلها بين الفعاليات المقامة هناك، في فعالية ثقافية تجدها حاضرة، وفي نشاط تراثي تجدها تساعد النسوة اللاتي يعددن الأكلات الفلسطينية، وفي محاضرة دراسية تجدها جالسة بين الطالبات تأخذ ما تجهله من علم محاضرها.

"كفاح السرسك" تعدّ مخيم العودة، المُقام في موقع "ملكة" الحدودي، بيتها الثاني، حيث إنها تقضي جلّ وقتها في المشاركة في الأنشطة التي لا تهدأ وتيرتها يوميًا والتي أعادت الحياة للمنطقة "المنسية"، وجعلتها محطّ أنظار العالم.

يوميًا

"السرسك" (47 عامًا) تقطن في حي الشجاعية، ربة بيت، لها خمسة من الأبناء، تتجه يوميًا إلى المخيم، منذ انطلاق فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار في الثلاثين من آذار/مارس الماضي.

بيت "السرسك" يبعد أمتارًا قليلة عن موقع "ملَكة"، ولكن قرب المسافة ليس السبب الرئيس في حضورها اليومي، تقول: "في الساعة 11 صباحا أقصد المخيم برفقة أبنائي، وأغادر مع غروب الشمس، وأحرص على بقاء أبنائي تحت نظري، وأرفض مغادرة المكان لأن قلبي وعقلي سيكونان هناك".

وتضيف لـ"فلسطين": "لا يضيع وقتي هباء لأنني أستثمره في حضور الفعاليات الثقافية التي تُنظَّم هنا، وتارة أخرى أحضر الأنشطة التراثية وجلسات المديح النبوي والشعر، وبعض اللقاءات السياسية والدينية التي تعقد في المكان".

لا الخوف ولا الجزع يعرفان طريقًا لقلب "السرسك"، إذ تؤكد: "لا أخشى خطورة الوجود في موقع حدودي يتمترس جنود الاحتلال فيه خلف كثبان رميلة على بعد أمتار قليلة، إن لم يُكسر جدار الخوف في داخلنا سنبقي تحت الاحتلال للأبد".

يدفعكم إلى الأمام

وتتساءل: "إلى متى سنبقى محاصرين؟! إلى متى سنبقى تحت سيطرة الاحتلال؟! إلى متى سنبقى شعبًا مغلوبًا على أمره دون سند؟! شعب ضاع مستقبل شبابه؟!".

أسئلة من حولها تحاصرها استغرابًا من جرأتها، ورغبة في معرفة الفائدة التي تجنيها من المشاركة اليومية في المسيرة، فتجيبهم: "اكسروا الخوف وتعالوا إلى المكان، سينكسر الخوف بداخلكم، وستشعرون أن شيئا يدفعكم إلى الأمام".

"السرسك" التي لا تحمل صفة لاجئة تقول: "هل كوني غزية الأصل يعني أن ليس لي حق في أراضينا المحتلة عام 1948؟! هناك القدس والمسجد الأقصى، أتمنى أن أصلي فيه".

وتضيف: "نبضنا يصرخ كفى احتلالا، كفى حصارا، نريد أن نعيش بحرية ونعود إلى بلداتنا وقرانا المحتلة منذ 70 عاما".

"القدوم يوميا إلى مخيم العودة يشحنني بالقوة والإصرار على حق العودة والاستمرار في المقاومة السلمية، ولكن يوم الجمعة المشهد يختلف، فالحشود الهائلة تعيد النبض إلى العروق وتمنعك من التقاعس عن المشاركة"، وفق السرسك.

لضيفتنا ابنة متزوجة كانت ترفض رفضا تاما المشاركة في مسيرة العودة، خوفا من رصاص الاحتلال وقذائفه التي أدخلت الرعب إلى قلبها، خاصة بعد وابل القذائف الإسرائيلية التي انهمرت على بيت أهلها في الحرب الأخيرة عام 2014.

ولكن إصرار والدتها على اصطحابها للمخيم كسر الخوف بداخلها، وعنها تقول: "وحينما وطئت قدماها المكان صارت تدفعني من أجل التقدم أكثر نحو السلك الشائك".

منسية

يصر الشعب الفلسطيني على مواصلة فعاليات مسيرة العودة في سبيل تحقيق حلم العودة، تقول السرسك: "حتى لو لم تتحقق العودة في منتصف مايو المقبل، يكفي أننا لفتنا أنظار العالم، وعرّفنا الشعوب الأخرى بأن لنا حقًّا هناك، وأن العودة آتية لا محالة".

المنطقة الحدودية الشرقية لمدينة غزة التي تسكن على مقربة منها "السرسك"، كانت في السابق "منسية" لقربها من خط النار، لتأتي فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار فتعيد إليها الحياة مجدها، وتجعل من يسمع عنها من بعيد متحمسا لزيارتها، كما أنها لفتت أنظار العالم مجددا للقضية الفلسطينية في ظل مساعي إنهائها من خلال ما يُسمى "صفقة القرن".