فلسطين أون لاين

​فادي مقيم دائم في مخيم العودة يتجول فيه بساقين مبتورتين

...
الشاب فادي أبو صلاح أمام خيمته على الحدود الشرقية لخانيونس
خان يونس - أحمد المصري

يجلس الشاب فادي أبو صلاح مبتور الساقين على دراجة نارية بثلاث عجلات أمام خيمة نصبها هو وأصدقاؤه في مخيم العودة ببلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس، يتبادل معهم الأحاديث حول حشود المواطنين في المكان وما يرون من تجهيزات يجريها جنود الاحتلال الإسرائيلي جوار السياج الفاصل.

أبو صلاح (29 عامًا) فقد ساقيه في عدوان الاحتلال على قطاع غزة الأخير 2014، بعد أن أطلقت طائرة استطلاع إسرائيلية صاروخا على المكان الذي يقف فيه مع مجموعة من أصدقائه، غير أن هذه الإصابة لم تمنعه من المشاركة اليومية في المخيم منذ إقامته في 30 مارس/ آذار الماضي مع أصدقائه تارة، وأخرى مع زوجته وأطفاله الخمسة.

ويتجول أبو صلاح على دراجته النارية المزودة بمقعد خلفي بين الخيام المقامة في المخيم وإلى الطريق الجانبي المحمي بسواتر ترابية لحماية المشاركين من نيران قناصة جيش الاحتلال، فيما يشعل في وقت استراحته النار ويعد الطعام، ولا ينتهي يومه بحلول المساء وإنما يواصل مكوثه في المخيم حتى ساعات طويلة من الليل.

ولم تكن فكرة المشاركة في الفعاليات الوطنية وليدة انطلاق مسيرة العودة لدى أبو صلاح، إذ إنه بدأ هو وأصدقاؤه ومجموعة من الشباب فعليا الرباط جوار المناطق الحدودية شرق خان يونس منذ لحظة إعلان رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترامب القدس عاصمة للاحتلال في 6 من ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي.

ورغم ما تجتره الحركة الزائدة والسير لأكثر من 16 كيلومتر ذهابا وإيابا نحو مخيم العودة من ألم في جسد أبو صلاح إلا أنه يجد في ذلك "أمرًا رخيصًا" في سبيل الأرض والقدس والوطن ومناهضة مخططات الاحتلال، ومقاومته وتذكير العالم بأحقية شعبنا في أرضه.

ويجد الشاب الثلاثيني في مسيرة العودة والمخيم الذي أقيم على مسافة قريبة من السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 48، فرصة كبيرة لتوحيد الطاقات الفلسطينية والعمل فعليا لعودة الفلسطينيين إلى ديارهم وأرضهم وقراهم التي هجروا منها قسرا على يد عصابات الاحتلال ومستوطنيه.

ويرى أن مشاركته ومشاركة المواطنين المستمرة في مخيم العودة تقول كلمة واحدة مفادها أن الاحتلال لا حق له في ما يغتصب من أرض فلسطينية، وأن عودة الفلسطينيين لأرضهم حتمية وقرب موعدها.

ويحلم أبو صلاح بالعودة ليافا مدينته الأصلية، التي امتلك فيها جده بساتين مكسوة بأشجار الحمضيات، فيما ينقش في ذاكرة أطفاله بصورة دائمة جمال المدينة الساحلية وأحقيتهم فيها من المستوطنين الذين جاؤوا أشتاتا من دول العالم شرقها وغربها.

ولا يبدي أي خوف أو زعزعة لاستقرار قلبه ورباطة جأشه مع قدومه المستمر في مخيم العودة ورباطه فيه، وذلك أمام ما يفرضه الواقع الحي من إطلاق جنود الاحتلال الرصاص والقنابل المسيلة للدموع في المكان.

ويقول أبو صلاح: "بترت ساقي في هذا الوطن، ومستعدون أن نفديه بأكثر مما يتوقع العدو"، مضيفا بسخرية "تعودنا على الرصاص والصواريخ واستنشاق الغاز المسيل للدموع، ولن نبرح المكان إلا بالعودة لديارنا مهما فعلوا".

لا يضيع حق وراءه مطالب بفقه وإصرار أبو صلاح وعناده الظاهر، ويبدي استعداده للمشاركة حتى "آخر نفس"، مؤكداً أن وجوده في المخيم يبعث رسائل عدة أساسها أنه لن تردع جرائم الاحتلال الفلسطينيين عن المطالبة بحقوقهم الأصيلة.