فلسطين أون لاين

​دخان "الكوشوك" مصدر إلهام لـ"تصميمات" توصل الرسالة

...
غزة - هدى الدلو

لكل مقاوم طريقته في النضال والدفاع عن قضيته، فهذا مقاتل يستخدم سلاحه على الأرض، وذاك صحفي يناضل بعدسته وقلمه، وذلك فنان يقاوم بريشته ولوحته، كل واحد منهم يستخدم ما بين يديه من إمكانيات ومهارات من أجل إيصال صوت شعبه المقهور، ومن الأسلحة التي استخدمها الفلسطينيون في معركتهم برامج الحاسوب، إذ استخدمها مصممو جرافيك في تصميم لوحات استلهموا أفكارها من دخان "الكوشوك"، ليساهموا بتلك التصميمات في دعم مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار.

لإيصال رسالة

الفنانة الفلسطينية هبة الزغلول (30 عامًا) من بلدة "ترمسعيا" شمالي رام الله، مُغتربة تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من ثماني سنوات، ورغم غربتها عن وطنها، إلا أن ريشتها تحاكي حبها له.

مع انطلاق مسيرات العودة، أرادت أن يكون لها دور في هذا الحدث الذي لا يمكنها المشاركة فيه بجسدها، فاستثمرت إبداعها في مجال الفن والتصميم، فصممت صورًا تحت اسم "دخنة الكوشوك وصلت دول العالم"، لتكون هذه اللوحات صوتًا توصل به رسالة للعالم مفادها أن الفلسطينيين يخرجون من قلب الألم والمعاناة من أجل مقاومة جرائم الاحتلال بالفن والإبداع.

تصميمات الزغلول ظهر فيها "دخان الكوشوك" خلف أبرز الأماكن والمعالم في العالم، كالأهرامات في مصر، وبرج خليفة في الإمارات المتحدة، وبرج الساعة في السعودية، وبرج إيفل في فرنسا، وتمثال الحرية في الولايات الأمريكية المتحدة.

وقالت لـ"فلسطين": "بالفن نستطيع أن نعبر عن واقعنا الصعب الذي يعيشه أهلنا في قطاع غزة، والفنان الفلسطيني كما المقاوم، من الصعب أن يُقهَر، لأنّه يستخدم أفكاره وريشته لخلق عالم آخر من العالم الصعب الذي يعيشه، كلّ واحد منّا قادر على خدمة وطنه بطريقته، وأنا أحببت أن أخبر العالم أن أهل غزة يحبّون الحياة والأمل والعيش بسلام".

وأضافت: "وضعت الدخان مع تلك المعالم كنوع من الاستهزاء والسخرية؛ بسبب عدم اكتراث المسؤولين في تلك الدول لما يحدث مع أهلنا في قطاع غزة، حتى أنهم لم يصدروا بيان استنكار وإدانة لما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين العزل الذين يمارسون حقهم في التظاهر السلمي من أجل نيل حقوقهم".

وأوضحت زغلول أن فكرة استخدام الدخان في التصميم موجودة منذ عدة سنوات، حيث العدوان الإسرائيلي الأول على القطاع، إذ كانت قد صممت لوحات مشابهة بالاعتماد على الصور التي تظهر فيها الغارات الجوية التي يشنّها الاحتلال والدخان الناتج عنها.

ورأت أن "استخدام الدخان في الرسم والتصميم من شأنه أن يشعل الخيال لدى الفنان، ويشكل حالة إلهام لما يشعر به الإنسان من ألم وأمل في نفس الوقت".

وبيّنت أنها من خلال لوحاتها، تقف إلى جانب أبناء شعبها وقضيتها الفلسطينية الإنسانية، فالفن هو السلاح الذي يمكنها استخدامه للدفاع عن قضيتها وأهلها.

وقالت الزغلول: إن "العدو الصهيوني يحارب الفن؛ لأن رسالته تصل لكل العالم، ولأنه لغة عالمية يفهمها الجميع، وتنتشر بسرعة".

قوة "التنين"

"دخان الكوشوك" أَلهمَ أيضًا مصمم الجرافيك محمد منصور، وهو أردني من أصل فلسطيني، إذ صمم لوحات، جعل فيها الدخان الناتج عن حرق "الكوشوك" في الجمعة الثانية من مسيرات العودة على هيئة "تنين".

وقال لـ"فلسطين": "السبب الرئيسي الذي دفعني لعمل هذه التصاميم، أننا كفلسطينيين في الخارج لا قدرة لنا على المشاركة في المسيرات، نحن فقط نتابع ما يحدث في غزة".

وأضاف: "وأنا كمصمم شعرت أن بإمكاني عمل شيء أستطيع أن أشارك به، لو بشكل بسيط، مع أهلنا في غزة، كما أنه من واجبي القيام بعمل من أجل نصرتهم، فهذا نوع من المقاومة المرئية لتصل لأكبر عدد من الناس".

وتابع: "رسالتي وصلت، واستثمرت عدد المتابعين الكبير لي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والذي يبلع 100 ألف متابع، فعلى الأقل أستطيع أن أوصل لهم ما يحدث في غزة بطريقة مختلفة".

وأوضح منصور: "وجدت أن أهل غزة من خلال مسيراتهم يعملون على إيصال رسالة للعدو بطريقتهم الخاصة، ولكن وجعهم وألمهم لم يشعر به الآخرون ليساندوهم وينصروهم، فأردت أن تكون تصاميمي وسيلة لإيصال رسالة الغزيين، ليرى العالم شباب غزة وقوتهم الجبارة الكامنة داخلهم".

"التنين" كائن أسطوري، ذُكر في أساطير أوروبية وأفريقية وصينية وغيرها، وكان رمزًا للقوة في تلك الأساطير، إذ يتمتع بقوة لا حدود لها، فلماذا اختاره منصور في تصميماته؟ أجاب: "أظهرت الدخان المنبعث من الكوشوك على هيئة تنين رغم أنه غير حقيقي بل مجرد جزء من الأساطير، لأن الناس يرون أن الدخان شيء عادي، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يراه بهذا الشكل من الخوف، ويشعر بأن هناك قوة كبيرة كامنة خلف كتل الدخان ستهاجمه".