مجرد وجود أسير أو أسيرة في سجون الاحتلال يسبب وجعًا وألمًا للقلب دائمين دون توقف، ليس فقط لأهل فلسطين المحتلة، بل لكل حر وشريف في العالم، ولكل عاشق للحرية والانطلاق وعمارة الكون.
وجع الأسرى الأبطال أي وجع؟!، فهم يشكلون نقطة حساسة وساخنة لدى مختلف أطياف الشعب الفلسطيني، فما ندر أن نجد فلسطينيًّا لم يذق طعم وعذابات الأسر، ومن هنا وجب عدم إغفال قضية الأسرى، ولو يومًا واحدًا، ولا يصح تذكرهم في يوم الأسير فقط.
وجع قلوب الأسرى هو وجع كل إنسان حر ما داموا في الأسر، وبيع حريتهم ودخول السجن ليسا هواية ولا شغفًا، بل حالة اضطرارية، لأجل القيم السامية والراقية والأخلاق العالية، بهدف التحرر والتطور والانطلاق.
الأسر يعني الموت البطيء؛ فالأيام تمر سريعًا خارج السجن، ولكن داخله تمر الثواني ثقيلة وبطيئة، ومعها العذاب، والموت يلاحق الأسرى، خاصة في العزل، فالشعور بالزمن يختلف من إنسان إلى آخر، حسب معاناته وحالته النفسية والوضع الذي يعيش والظروف المحيطة من فرح أو حزن.
لا يختلف اثنان بالعالم في حرمة السرقة وإيذاء الناس، كما لا يختلفان في تمجيد قيم الحرية والكرامة والعدالة، لكن شتان بين من يدافع عنها ومن ينتهكها كما الاحتلال، ولذلك نرى الأحرار كما هم الأسرى في سجون الاحتلال يدفعون لذلك ثمنًا غاليًا من زهرات شبابهم، وأجسادهم، لعيون الوطن.
كل فكرة وخطوة تقربان من تحرير الأسرى ويتبعهما خطوات أخرى للتضامن مع الأسرى جديرتان بالتطوير والتحسين، ورأس ذلك وعلى قمته هو عملية تبادل أسرى جديدة، والأنظار تتجه بذلك إلى المقاومة.
في يوم الأسير تبقى حالة التضامن مع الأسرى حتى اللحظة لم ترق إلى مستوى تضحيات الأسرى، ولا معاناتهم، والتضامن مع الأسرى الأبطال ليس منة ولا فضلًا وتكرمًا من أحد، بل هو واجب وطني وديني وأخلاقي.
أهداف الأسرى وطموحاتهم وآمالهم جديرة بأن يضحى لها، ويعلى شأنها لتنتصر لاحقًا على المحتل الغاصب، فلولا وجود عنوان للتضحية والفداء _وهم الأسرى_ لصارت الحياة جحيمًا لا يطاق، بانتصار السجان والظلم والطغاة.
لاحظ كيف صور جنود الاحتلال الأسرى لدى المقاومة تطوف الدنيا، وقامت الدنيا ولم تقعد لأجلهم، وصارت صورهم تعلق في كل عواصم الدنيا، وصاروا حديث الساعة، أما صور الأسرى الفلسطينيين فلا يكاد أحد يعرفها، وصورة الأسيرة عهد التميمي انتشرت في العالم، لكن ما زال ليس بالمستوى المطلوب.
بطولات الشعب الفلسطيني كثيرة ويشار إليها بالبنان؛ فهو شعب يصارع ويقاوم أعتى قوة احتلال على وجه الأرض، فقضية الأسرى تجمع كل أطياف الشعب الفلسطيني وقواه، في بوتقة تحدي الاحتلال الظالم الذي لا يحترم أي اتفاق، فيتلاعب به، وينقض كل عهد، حقيقة أزلية.
النصر في أي معركة ما هو إلا صبر ساعة، وهي لحظات صبر أقوى من الجدران والزنازين والأسلاك الشائكة، وإن النصر في النهاية للأسرى كونهم أصحاب الحق والأرض والأخلاق والحرية والكرامة، وإن من اغتصبوا فلسطين في غفلة من الزمن سيكنسهم التاريخ.