فلسطين أون لاين

​تقسيط المهر جائزٌ بضوابط

...
غزة - هدى الدلو

المهر، أو الصداق، هو ما يدفعه الرجل للمرأة التي يتزوجها، وفق ما عرفه الفقه الإسلامي، وهو دليل إكرام الله تعالى للمرأة، فقد جعل المهر حقًا من حقوقها المفروضة على الزوج، وألزمه دفعه بالمعروف، وبسبب الظروف المعيشية في قطاع غزة يضطر بعض الشباب المقبلين على الزواج إلى تقسيط المهر المعجل، بحيث يكملون دفعه قبل الزفاف أو بعده.. فهل يجوز ذلك شرعًا؟

حقٌ مشروع

قال الأستاذ المشارك بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية د. ماهر السوسي: "مهر المرأة هو حق مشروع لها كفله المشرع بقوله تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)، وبناء على هذه الآية لا يجوز أن يخلوا النكاح من المهر قليلًا كان أو كثيرًا، مع العلم بأن الشرع لم يحدد مهر الزوجة، وترك ذلك لظروف المجتمع وعاداته وتقاليده".

وأضاف لـ"فلسطين": "ووظيفة المهر هي تطييب خاطر المرأة، فهو عبارة عن دليل محبة يقدمه الزوج لهذه المرأة التي لم تعرفه من قبل، ومن ناحية أخرى هو عون لها على أن تزف إلى بيت زوجها على هيئة لائقة بها وبأهل زوجها".

وأوضح د. السوسي أن الأصل أن يُدفع المهر للزوجة كاملًا دفعة واحدة؛ ولكن الظروف الصعبة التي يمّر بها المجتمع أحيانًا، أو الظروف التي يمرّ بها الأفراد جعلت الناس يلجؤون إلى تقسيط المهر، بتقسيمه ثلاثة أقسام، ولم يمنع الشرع ذلك طالمًا أن المهر كله أو جزءًا منه كان دينًا في ذمة الزوج"، مبينا: "الأسباب التي تؤدي إلى تقسيط المهر هي صعوبة الظروف الاقتصادية التي يمرّ بها المجتمع، والفقر الذي تعاني منه بعض فئات المجتمع وعجزها عن تحصيل مقدار المهر، وغلاء المهور في بعض الأحيان".

وقال السوسي: "وإذا قلنا بجواز تقسيط المهر، فإن ذلك يمكن أن يُضبط بضوابط، هي أن يتم الاتفاق على مقدار المهر كاملًا ويكون ذلك موثقًا إما بالشهود أو بالكتابة؛ لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه)، وأن يتم الاتفاق على كيفية دفع الأقساط وعلى مقدار كل قسط ووقته، وأن يكون ذلك واضحًا لكل الأطراف، للآية سابقة الذكر، وألا يتمّ الاتفاق على ما سبق بين أطراف عقد الزواج فيما بينهم ودون علم غيرهم، وأن يُسجل ذلك كله في عقد الزواج ضمانًا لحق الزوجة".

وأضاف: "بالنسبة لكتب الكتاب في حالة تقسيط المهر، فإنه يجوز ذلك مع ضرورة ذكر أن المهر مقسط وأن المهر كله أو جزء منه دين في ذمة الزوج، من أجل ضمان حق الزوجة".

وحذر مما يحدث في المحاكم عند كتب الكتاب، حيث يسأل القاضي ولي الزوجة عمّا إذا كان أخذ المهر أم لا، فيقول أنه أخذه، بينما هو لم يأخذه، ويسجل القاضي في عقد الزوج أن ولي الزوجة قد قبض المهر، وهو ليس كذلك، وفي كثير من مثل هذه الحالات امتنع الأزواج عن دفع المهر اعتمادًا على أن الزوجة لا تستطيع إثبات عدم حصولها على مهرها، حيث سُجل في العقد أن وليها قد أخذه.

ولفت د. السوسي إلى أن مجاملة أهل الزوجة لأهل الزوج والثقة الزائدة والخجل من أن يقول ولي العروس أنه لم يقبض المهر، قد فوّت على كثير من النساء مهورهن، حتى أنهن قد يتطلقن دون أن يحصلن على حقوقهن لا المتعلقة بالمهر المعجل ولا بالمهر المؤجل.