في صيف عام 2005 قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلية بقيادة رئيس وزرائها الأسبق ارئيل شارون الانسحاب الكامل من قطاع غزة، فسحبت جيشها وتسعة آلاف مستوطن كانوا يقطنون غزة. العدو الإسرائيلي فعل ذلك دون أي اتفاق مع أي طرف فلسطيني وغير فلسطيني وقيل إنه انسحاب من طرف واحد، والانسحاب كان بسبب المقاومة وعدم قدرة الجيش على حماية نفسه أو حماية المستوطنين.
عندما احتلت (إسرائيل) قطاع غزة كانت تعده جزءًا من أراضيها وأنه مثل تل أبيب كما قال شارون، وشارون وليس غيره هو من قرر الفرار بعد أن اكتشف أن غزة ليست جزءًا من أرض الآباء والأجداد.
إذا أقفل شارون الحساب مع غزة فإن الحساب بالنسبة للفلسطينيين ما زال مفتوحًا مع العدو الإسرائيلي، فهناك مئات آلاف ممن شردوا من أراضيهم داخل المناطق الفلسطينية المحتلة عام 48 ما زالوا يعيشون في غزة ويحلمون بالعودة إلى بيوتهم وأراضيهم، وما زالت أرضنا محتلة وسيظل الشعب الفلسطيني يقاوم حتى تصبح يافا وحيفا محررة مثل قطاع غزة.
الآن وبالنسبة لما يحدث بمحاذاة الخط الزائل بين غزة وباقي فلسطين المحتلة، الجماهير الفلسطينية تتظاهر داخل حدود غزة بشكل سلمي ولا تستهدف جنود الاحتلال رغم أن المقاومة قادرة على ذلك، فقناصة الاحتلال والذين يقتلون الصحفيين والنساء والأطفال هم أنفسهم في مرمى المقاومة، وهم يعلمون ذلك ولكنهم لا يخافون؛ لأنهم موقنون أنها مظاهرات سلمية ومع ذلك يطلقون النار، والسؤال هنا لماذا يطلقون النار؟
من حق أهل غزة أن يعيشوا وأن يتظاهروا ويفعلوا ما يشاؤون على أرضهم المحررة، ولا يحق للعدو استهدافهم، كما أنه من حقهم أن يعيشوا حياة كريمة دون حصار ولا شح في المياه ولا الكهرباء ولا الدواء فضلا عن باقي مستلزمات الحياة.
باختصار نحن لا نعرف ماذا يريد محاصرو غزة منها، طالما أنكم عجزتم عن احتلالها واعترفتم بحق الفلسطينيين فيها فلا بد أن تكفوا عن حصارها وتعذيب أهلها، وهذه أبسط حقوق الشعب الفلسطيني، وإن تحقق ذلك فلا يعني أن الحساب قد أقفل، فما زالت الطريق طويلة والحساب مفتوحًا حتى تتحرر فلسطين من بحرها إلى نهرها، وهذا لا يعني أنه لا يوجد إمكانية لحل سلمي مرحلي يقوم على منح الفلسطينيين دولة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، ودون اعتراف بشرعية الاحتلال أو التخلي عن أيٍّ من ثوابتنا.