غادر الشعب الفلسطيني وقياداته عام 2016م، ودخلوا عام 2017م، دون طي صفحة الانقسام، ودون وجود خطط وبرامج تكتيكية وإستراتيجية يسعى كلٌّ لتحقيقها، ودون استقاء كافٍ للعبر من الأحداث من حولنا، والتي لا بد من دراستها وتحليلها واستثمار الجيد منها.
وحدة الكلمة والصف؛ بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي واستنهاضه من جديد هو المطلب الملح في عام في عام 2017، فالقوي لا تدوم قوته، و"نتنياهو" 2017 ليس هو "نتنياهو" 2016 " ؛ فهو أمام استحقاق دفع ثمن وجود أسرى لدى حماس، وهو أمام دفع ثمن قرار مجلس الأمن 2334 وكره العالم له؛ حتى وان تنكر له مكابرا معاندا ومتغطرسا.
لا يصح التقليل من شأن قرار مجلس الأمن الأخير، فالخطر في هذا القرار حسب "ايلان بيكر" وهو حقوقي معروف وكبير من دولة الاحتلال؛ بأن “هذا القرار يرسل للفلسطينيين رسالة بأنهم ليسوا بحاجة إلى إجراء المفاوضات مع (اسرائيل) أو التنازل لهم لأنهم سيحصلون، بدون مفاوضات، على ما يريدون من المجتمع الدولي”.
كيف لشعب واقع تحت أشرس وأطغى احتلال عرفه العالم؛ أن ينقسم أفراده ويختلفوا فيما بينهم، في الوقت الذي هم فيه بأشد الحاجة لوحدة الصف، وتجميع الطاقات على قلتها، وعدم حرف البوصلة عن وجهتها الحقيقية، وهي الاحتلال؟!
فلسطينيا؛ لا يجوز ترك السفينة؛ فيقوم أفراد يركبون فيها بخرق من ناحيتهم؛ بحجة أنها من جهتهم وتخصهم لوحدهم، وتترك السفينة تغرق، ومن هنا وجب وقفهم عند حدهم، وثبت انه لا يمكن تحقيق انجازات كبيرة في ظل الفرقة والانقسام.
لن يرحم التاريخ كل من أجج الوضع وساهم في إطالة حالة الانقسام والتشرذم الفلسطينية، ولن يغفر لكل من تفوه بعبارات وجمل ومواقف ساهمت في إضعاف الحالة الفلسطينية، وزيادة الهوة بين حماس وفتح .
لا يصح أن ينتظر شعب واقع تحت احتلال أن تأتي جيوش جرارة لتحرره؛ من ينتظر الأحداث أن تدهمه وتكون في مصلحته دون أن يخطط ويشمر عن ذراعيه، ويضع البرامج الدقيقة لخطواته المستقبلية، ويصنع الحدث باقتدار؛ فسيسقط سقوطًا مدويًا.
مقارنة حالة الأحزاب والقوى في كيان الاحتلال مع حالة الأحزاب والقوى الفلسطينية، نجد أن النتيجة غير مرضية، فمع أن كيان الاحتلال خليط من جنسيات ودول مختلفة بينها فوارق طبقية مذهلة، هناك ضوابط وقواعد عامة تحكم الجميع حتى لا يضعف وينهزم من داخله، بينما في الحالة الفلسطينية لا يوجد ما يوحدها بفعل ضغوط إقليمية ودولية.
أكثر ما يضغط ويوجع القلب، هو عدم تجنب بعض الأخطاء التي حصلت سابقا وعدم تكرارها، وهذه مسئولية قادة السفينة ليقودوها إلى بر الأمان وعدم تركها وسط أمواج عاتية من كل حدب وصوب كما هو حال القضية الفلسطينية، وحان الوقت في عام 2017م؛ لتتوحد كل أطياف وقوى الشعب الفلسطيني، وتطوي صفحة الماضي؛ لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
قادة الاحتلال يدركون أن الشعب الفلسطيني مضغوط إلى درجة كبيرة جعلت شبانًا وأطفالًا يقبلون على الموت دون خوف منه؛ وهذا نتاج الاحتلال وليس نتاج شيء آخر، ولو لم يوجد احتلال لما قام الشبان بما قاموا به ولم يفكروا به من الأصل.
تاريخيا؛ كل الصراعات في مختلف دول العالم ؛ كانت عبارة عن معادلات وسنن كونية لن يستطيع أي طاغية أو فاسد أو ظالم أن يحيد عنها أو أن يقفز عنها، ولن يفلح أي فرد أو شعب ما لم يطور نفسه ويتعلم من أخطائه؛ ونأمل من قادة الشعب الفلسطيني؛ ألا يخيبوا ظننا في عام 2017؛ فيتحدوا ويعملوا ضمن برنامج وطني موحد يرفع الرأس عاليا، وما ذلك على الله بعزيز.