فلسطين أون لاين

​زقوت وحجازي وأبو ندى

جيران في المُخيّم وأصحاب على الحدود

...
غزة- حنان مطير

برفقة جاريه في مخيم جباليا "أبو سالم حجازي" و"أبو سائد أبو ندى"، يجلس الحاج "أبو نضال زقوت" المهجّر من مدينة المجدل ويبلغ 58 عامًا، يواجِهون السلك الحدودي ويحتسون القهوة فوق التلّة العالية، غير آبهين بصوت الرّصاص الذي يطلقه جيش الاحتلال في سماء بيت لاهيا.

ويروي زقّوت أنه يأتي يومياً للحدود مشاركاً في مسيرات العودة، وفي جمعة الكاوشوك نزل مع الشباب مقترباً أكثر من الشرق باتجاه السلك الحدودي.

يقول مبتسماً: "يظنّ الشباب أن كبر سني أو عدم قدرتي على الرّكض مثلهم قد تحول دون اقترابي ومشاركتهم، فكانوا يقولون لي (وين رايح يا حاج.. اطلع لفوق)".

ويضيف: "نحن الفلسطينيون صغاراً وكباراً لا نهاب الموت، فما البال إن كان شهادةً في سبيل الدين والوطن والأرض المسلوبة؟ كما أن أجل كل إنسان مكتوبٌ عند الله تعالى، فلا داعي للقلق من أي شيء، خاصة وأن الروح الوطنية تغلب على كل شيء في حياتِنا".

وكان زقوت قد قدّم ابنه شهيداً في ذكرى يوم الأرض، على حاجزبيت حانون "إيرز"فكان أول شهيد في يوم الزحف نحو القدس عام 2012، إذ يروي: "انتزع ابني محمود الشبك المُحيط لبوابة حاجز بيت حانون (إيرز)، حينها جُنّ جنون جنود الاحتلال الذين يتحصنون خلف الجدران وأبراج المراقبة العسكرية، فأطلقوا رصاصة على رقبته أودت بحياته، وقنصوا ابن عمه نزار الذي كان برفقته في قدمه".

ويوضح: "لقد أخبرتُ أولادي بكل الأوراق المهمة في البيت والموروثة عن الأجداد، فأخرج يومياً للمشاركة في مسيرات العودة مسلماً أمري لله، فقد أعود أو لا أعود".

ويبين: "فالمحتلّ لا يفرّق بين سلمي أو غير سلمي، وإلا لما استُشهد كل هذا العدد من المشاركين، فكلنا أمامه فلسطينيون، وهذا حال كل من يأتي ليشارك في تلك المسيرات، يأتي حاملاً روحه على كفه".

ويقول صاحبُه حجازي وهو يُحدّق بالأراضي الخضراء خلف السياج الحدودي الذي يقابله: "تلك الأراضي الخضراء الشاسعة التي نراها أمام أعيننا ولا نملك أن نخطو عليها بسبب احتلالهم وسرقتهم لأراضينا يورث في قلوبِنا الحسرة والغصّة، وبنفس الوقت يشحننا بالتّحدي والقوّة والإصرار على العودة".

ويشكر الله صاحبهما أبو ندى على أن المسيرات كانت شعبية غير متحزّبة ولا فصائلية، قائلاً: "هذا هو أكبر سبب أدّى لنجاح مسيرات العودة، فتلك هي الإرادة والحق الشعبي الذي لا يترّدد عنه أحد، وكلنا يعلم أن هذه الخطوة بداية للتحرير والعودة بإذن الله".

وعلى مقربةٍ من الأصحاب الثلاثة يجلس أبو محمد عيطة المُهجّر من قرية برير ثاقباً عينيه بالأراضي الواسعة أمامه، وهناك يقول لـ"فلسطين": "أتيت للمشاركة، وآتي يومياً، وأنا سعيد للغاية رغم حرقتي كلما أرى ذلك الجمال والاتساع في الأراضي الخالية ونحن مكدّسون في المخيمات".

ويضيف: "هذا حق عودة لا نفرّط فيه، وهو حق لا يُنسَى أبداً، وقد جئنا لنثبت ذلك، فالكبار يموتون والصغار لن ينسوا أبداً، لكن ما يؤثر علينا سلباً ويضعفنا هو الانقسام، وإنهاؤه هو طريق العودة، وقوتنا باتّحادِنا".