فلسطين أون لاين

الاحتلال يُشهر "الكرت الأحمر" لموهبة "عبيد"

...
غزة - هدى الدلو


لطالما سعى جاهدًا لرفع علم وطنه في بطولات ودورات رياضية، فكيف له أن يتقاعس عندما يناديه هذا الوطن لاستعادة الأرض التي سُلبت من أجداده عام 1948، فصاروا لاجئين مشردين، يعانون ويلات النكبة حتى اليوم، هبّ للمشاركة في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، تلك المسيرة السلمية التي قابلها الاحتلال بالرصاص.

"محمد خليل عبيد" أُصيب برصاصة اخترقت طرفيه السُفليين، واخترقت معهما أحلامه الرياضية، فما زاد تأثيرها سوءا أنه لاعب كرة قدم، فقد وضعت الإصابة حدًا لحياته الرياضة.

مسيرتك انتهت..

عبيد (23 عامًا) لاعب كرة قدم في جمعية الصلاح الإسلامية، وعضو أساسي في الفريق، يعيش في مدينة دير البلح، وهو لاجئ من بلدة "بيت دراس" المحتلة، نسف الاحتلال الإسرائيلي بجبروته أحلامه الرياضية، أثناء مشاركته في اليوم الأول من مسيرة العودة.

قال في حوار لـ"فلسطين": "شاركت في المسيرة من أجل التأكيد على حقّنا في العودة إلى أراضينا التي سلبت من أجدادنا بالقوة، خاصة أننا نطالب بحقنا بطريقة سلمية".

عندما وصل الحدود الشرقية لمنطقة البريج، صوّر مقطع فيديو يتحدث فيه عن الواقع الفلسطيني لينشره عبر صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لعله من خلاله يستطيع أن يوصل رسالة للعالم بأن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعيش تحت الحصار ويعاني من ويلات الاحتلال، مع التأكيد على حق العودة، ذلك الحق الذي كفلته الأعراف والمواثيق الدولية.

بعد تصوير المقطع، أصابته على غفلة رصاصة دخلت من رجله اليمنى، واخترقتها وصولا إلى اليسرى، وتحديدا في "الركبة"، وخضع لعملية جراحية أزال فيها الأطباء عظمة الصابونة "الرضفة".

"متى أستطيع أن أعود للممارسة كرة القدم؟".. طرح عبيد هذا السؤال على الطبيب فور إفاقته من البنج بعد العملية الجراحية، ليطمئن على موهبته، لكن إجابة الطبيبة كانت صادمة وواضحة: "مسيرتك الرياضية انتهت، من الصعب أن تعود للعب الكرة".

ذلك الحوار الذي دار بينه وبين الطبيب لم يستغرق سوى ثواني معدودة، لكنه كان كافيًا لإصابة الشاب بـ"انهيار"، فحرمانه من لعب كرة القدم يعني فقدان شيء غالٍ وثمين على نفسه، "ولكن قدر الله وما شاء فعل".

وقال: "كرة القدم هي حياتي وأحلامي ومستقبلي، الاحتلال عديم الإنسانية، أطلق النار بكل عنجهية، رغم أني لم أزعجه بأي شكل، كل ما في الأمر أنني أطالب بحقوقي بشكل سلمي، ولكنه أشهر في وجهي الكرت الأحمر بصورة مباشرة، دون أن يسبقه بالكرت الأصفر، فهو يجهل بالقوانين الرياضية والإنسانية والحقوق الوطنية".

بهذه السهولة!

ارتباط عبيد بكرة القدم لا يمكن قياس قوته، إذ أوضح: "ارتبطت بها منذ طفولتي المبكرة، فكنت أرافق والدي عندما يذهب للملاعب والأندية بحكم عمله كحكم رياضي فلسطيني، وتعرفت على قوانين المستطيل الأخضر وأصول اللعب فيه من خلال مشاهدتي الدائمة للمباريات".

فكان يمارس رياضته المُفضلة في أي مكان يحلو له، في الشارع مع أبناء عمه وجيرته، وعندما يذهب للنادي.

ولتطوير مواهبه الكروية، التحق بالأندية، فتميز بسرعة تعلمه، وفهمه للأحكام والقوانين.

وعُرف بين الأندية الرياضية بلقب "محمد حبوبة"، وكان يقال "من يملك حبوبة فقد ضمن الفوز، وسيفتح للفريق جبهة كبيرة من المواجهات مع الأندية الأخرى".

سيفتقد عبيد الركض في المستطيل الأخضر، فلن يشارك أصدقائه في المباريات، ولن يتذوق طعم المنافسة والفوز أو الخسارة حتى.

لم يكن يتوقع أن تنتهي حياته الرياضية بهذه السهولة، "ولكن نحن كأبناء فلسطين لا بد أن ندفع الغالي والنفيس من أجل تحرير القدس والمقدسات، ونحرر أراضينا المحتلة"، كما قال.

وأضاف أنه من خلال الرياضية كان يعمل جاهدًا على إيصال رسالة الفلسطينيين، "فالرياضة هي رسالة وأخلاق وذوق".

وتابع: "رغم الإصابة التي قضت على أحلامي، إلا أنني لن أتوانى عن تلبية نداء الوطن، والمشاركة من جديد في مسيرات العودة السلمية التي يرد عليها الاحتلال الإسرائيلي بكل عنف وأذى، فمع كل إصابة يوصل رسالة لصاحبها (ستصبح معاقًا، اجلس في بيتك)".

وناشد عبيد الدول العربية والإسلامية والأوروبية بضرورة الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والعمل على نصرة قضيته، ووقف الانتهاكات بحق الشعب.

وحاليا، يأمل بالحصول على فرصة للسفر لتلقي العلاج، لعله يتمكن من استعادة مجده في الساحة الرياضية، ويساهم في رفع العلم الفلسطيني في الأندية الخارجية.