فلسطين أون لاين

​"عن أرواح الشهداء"

"حلّاق العودة".. كلٌّ يقاوم بما استطاع

...
غزة - مريم الشوبكي

ارتدى الشاب "أيمن بريك" قميصا على شكل علم فلسطين، وعصب رأسه بالكوفية، وحمل ماكينة الحلاقة، ليقدم خدمة "الحلاقة المجانية" للمواطنين المشاركين في مسيرة العودة الكبرى على الحدود الشرقية للبريج.

وضع خلفه لافتة تعرف عنه بـ"حلاق العودة"، وجعل عمله "صدقةً عن أرواح الشهداء"، وما أن بدأ بالحلاقة لأول مواطن، حتى تجمهر الناس من حوله، وصاروا يتزاحمون لحجز دور في الطابور الطويل الذي امتد أمامه.

خدمة للوطن

بريك، (23 عامًا) هو أول حلاق في مسيرة العودة، أراد أن يقدم خدمة لأبناء وطنه ولا يكتفى بالمشاركة في المسيرة.

يقول لـ"فلسطين": "في أول يوم لانطلاق فعاليات مسيرة العودة، شاركت برفقة عائلتي لنطالب بحقنا في العودة إلى (بئر السبع) التي هجرنا منها عام 1948، وأردت أن أقوم بعمل أخدم فيه المشاركين ويكون صدقة عن روح الشهداء، فلمعت في ذهني فكرة الحلاقة لهم".

ويضيف: "في الجمعة الأولى، أخذت أدوات الحلاقة لأنفذ الفكرة، ولكن بسبب عدم توفر تيار كهربائي في مخيم العودة عدلت عن الفكرة، وأجلتها للجمعة التي تليها، وحينها وفّرت بطارية لتشغيل الماكينة".

"بريك"، شاب بسيط، يتدرب منذ أربعة أشهر على الحلاقة في صالون قريب من بيته، ويسعى لأن يفتتح صالونه الخاص، يتحدث: "استعرت الماكينة والبطارية من صديق لي يعمل حلاقًا، وحينما وصلت الحدود بدأت بالحلاقة لرجل مسنّ كان موجودا في المكان، فتجمهر الناس حولي، طالبين مني أن أحلق لهم".

ويوضح: "بدأت العمل في الساعة الثانية بعد الظهر، واستمريت فيه حتى السادسة مساء، لم أسترح البتة، وخلال هذا الوقت حلقت لخمسة وعشرين شخصا، من أعمار مختلفة".

سأعود الجمعة

الفلسطيني يبدع أينما حل، ويبدع في وسائل مقاومته لعدوه ودعمه لشعبه، يقول بريك: "وجد الناس فكرة الحلاقة في هذا المكان الخطر غريبة، فأثنوا على ما أقوم به وأخذوا يدعون لي، وبعضهم التقط صورا معي".

ويضيف: "لم أتوقع انتشار صوري على مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الشكل، فقد وصلت إلى خارج فلسطين، وهاتفني شخص من بلدتي الأصلية بئر السبع ليشكرني على ما قمت به".

ويصف "بريك" مشهد الناس وهم يتجمعون حوله: "كان الجميع مسرورًا ويطلب مني أن أحلق له، وبعضهم أتى بأطفاله الصغار لأحلق لهم، وبعضهم دبت بينهم المشاحنات لحجز دور".

ويؤكد: "الجمعة القادم سأعود للميدان مرة أخرى، وسأستعين بصديقي ليساعدني حتى أتمكن من الحلاقة لعدد أكبر من المشاركين".

كل يبدع في مجاله، والشاب "بريك" أراد أن يقدم خدمة لفئة "الغلابة" التي يقول إنه ينتمي لها، خاصة أنهم في "أيام الصمود".