لا يكاد يمضي يوم إلا وتوثّق المراكز والمؤسسات الحقوقية بلاغات واستدعاءات واعتقالات للصحفيين في الضفة الغربية المحتلة على خلفية عملهم الصحفي أو آراء في مواقع التواصل الاجتماعي، عبر سياسة تتبناها السلطة وتديرها أجهزة أمنها ضمن سياسة الإخضاع.
كان آخر تلك الانتهاكات، استدعاء ستة صحفيين بتهمة "القدح والتشهير وتعريض سلامة الدولة للخطر"، لانتقادهم فصل إعلاميين من فضائية النجاح رفضوا إملاءات تنتهك خصوصيتهم وحقهم بالاحتفاظ بالرأي دون الانصياع لثقافة القطيع التي تلزمهم بالتغريد على وسم "الاستهداف الجبان" عقب محاولة اغتيال رئيس الحكومة ورئيس جامعة النجاح رامي الحمد الله الذي يغض مدعي تطبيق القانون الطرف عنه وهو الذي يجمع بين وظيفتين في القطاع العام.
وعلّقت الكاتبة والإعلامية نور عودة، على الحادثة، بالقول إن حالة الاستدعاءات والبلاغات التي قُدمت ضد عدد من الصحفيين في رام الله ونابلس من شخص يُقدم نفسه على أنه صحفي، تظهر حالة الانفصام.
وأضافت عودة لصحيفة "فلسطين"، أن "هذه السياسة تُظهر الاستقواء بقانون يرفضه كل من يحترم الحريات، وهو الجرائم الإلكترونية"، منبّهةً إلى أنه "كان حريّ بهذا بالصحفي غازي مرتجى، أن يحترم زملاءه ويلجأ للنقابة، بدلًا من أن يُمطر النقابة بشكاوى حول زملائه".
واستهجنت عودة وهي عضو لجنة أخلاق المهنة في نقابة الصحفيين، استمرار استدعاء الصحفيين واعتقالهم على خلفية عملهم الصحفي، واصفةً إياه بـ"الأمر المُعيب".
وأكدت أن الهجمة تستهدف صوت الصحفيين، ممثلًا بالنقابة، مشيرةً إلى أن الأخيرة من واجبها أن تدافع عن الكل الصحفي، وتتابع قضية الصحفيين الستة.
ورأت أن استمرار هذه السياسة، يهدف إلى تكميم الأفواه الصحفية، التي تعمل من أجل كشف الحقيقة وإظهارها للعالم أجمع.
وتابعت: "ما يمرُّ به الواقع الصحفي بمنزلة امتحان للجميع، فإما أن يكون للصحفيين حق ومساحة في الحديث بحرية والقيام بواجباتهم، وإما أن يستمر هذا النضال للحفاظ على مساحة الحرية المكفولة بالقانون".
وشددت على أن الصحفيين سيستمرون في نقل الحقيقة رغم كل المعيقات التي تحدق بهم، معربةً عن ثقتها بقدرة نقابة الصحفيين على الدفاع عن الصحفيين في كل الوطن.
في الأثناء، اعتبرت عودة، استمرار الانقسام السياسي أنه "العدو الأول للحريات ولحرية الوطن، وفرض واقع عقابي على كل من يؤمن بحرية الرأي والتعبير والمحاسبة".
وهو ما أكده مدير عام المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" موسى الريماوي، أن الانقسام الحاصل بين غزة والضفة هو السبب الرئيس لاستمرار انتهاك الحريات.
منافية لحرية التعبير
وقال الريماوي لصحيفة "فلسطين": هذه الإجراءات منافية لحرية التعبير والرأي، ومخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني، والمواثيق الدولية التي تضمن حرية التعبير للصحفيين والمواطنين أيضًا.
وأعرب عن أمله، بعدم زجّ الصحفيين في أي صراع داخلي فلسطيني، "لأن حق التعبير مكفول للجميع في القانون، لا سيما في ظل تعرّض الشعب الفلسطيني لانتهاكات من الاحتلال".
وذكر أن الأشهر الماضية شهدت انخفاضًا ملحوظًا في عدد الانتهاكات الفلسطينية في الضفة وغزة، مستدركًا: "لكن ما حصل في مركز النجاح أعاد زيادة الانتهاكات بحق الصحفيين في الضفة".
وجدد الريماوي مطالبته بضرورة وقف مسلسل استدعاء واعتقال الصحفيين على خلفية عملهم الصحفي والنشر، معتبرًا إياها "خرقًا للواقع والقانون الفلسطيني".
كما طالب، بضرورة احترام القانون الأساسي الفلسطيني، الذي كفل حرية التعبير عن الرأي، للصحفيين وكل المواطنين، "فهذا حق طبيعي وليس مِنة"، وفق تعبيره.
يُشار إلى أن النيابة العامة بالضفة الغربية المحتلة، حوّلت أمس، الصحفيين نائلة خليل ورامي سمارة للمحكمة بمدينة رام الله على خلفية انتقادهما فصل صحفيين من مركز "النجاح الإعلامي".
وكانت النيابة العامة أوقفت قبل أيام الصحفي رامي سمارة، ثم أفرجت عنه بقرار من رئيس السلطة محمود عباس، لكن النيابة العامة وجهت له استدعاء مع خمسة صحفيين.

