فلسطين أون لاين

​وسائل إعلام غربية "تجانبُ الدقة" في تغطيتها لمسيرة العودة

...
رام الله / غزة - نبيل سنونو

تستخدم وسائل إعلام غربية مصطلحات وصياغات فضفاضة أو مبنية للمجهول، في تغطية قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة العودة السلمية التي انطلقت تزامنا مع ذكرى أحداث يوم الأرض، في 30 مارس/آذار الماضي.

موقع "BBC NEWS" البريطاني، نشر تقريرا بعنوان: "حدود غزة و(إسرائيل) صدامات تخلف 16 قتيلا فلسطينيا وجرح المئات"؛ وفق مصطلحات الموقع.

وقد ساوى الموقع بذلك بين الفلسطينيين السلميين الذين لا يملكون أي أسلحة، وبين قوات الاحتلال المدججة بالسلاح التي بادرت إلى إطلاق النار الحي تجاههم، كما تجنب الموقع الوضوح في عرض حقيقة أن قوات الاحتلال هي التي قتلت وأصابت هذا العدد من الفلسطينيين العزل.

موقع "بي بي سي" باللغة العربية أيضًا، نشر تقريرا قال فيه: "قتل 10 فلسطينيين وأصيب أكثر من ألف برصاص الجيش الإسرائيلي إثر اندلاع أعمال عنف على الحدود بين قطاع غزة و(إسرائيل)".

ويتضح أن الموقع استخدم مصطلح "أعمال عنف"، دون أن يحدد أن الذي استخدم العنف والقوة القاتلة هو جيش الاحتلال ضد فلسطينيين مشاركين بمسيرة سلمية للمطالبة بحق مكفول قانونيا.

وقدّم الموقع في روايته للحدث، أن فلسطينيين "أضرموا النار في إطارات سيارات في محاولة لحجب رؤية القناصة"، التابعين لجيش الاحتلال، لكنه لم يشر إلى أن هؤلاء القناصة يبادرون باستهداف الفلسطينيين السلميين بالرصاص الحي.

وفي تقارير وأخبار متعددة، استخدم الموقع نفسه مصطلح "أحداث دامية"، ولم يحدد هذه الأحداث الدامية ارتكبتها قوات الاحتلال بالرصاص الحي.

وتجنب الموقع أن يقدم المعلومة بشكل مباشر ومفادها أن قوات الاحتلال قتلت فلسطينيين، إذ إنه قال في عنوان مادة إخبارية: "10 قتلى وأكثر من ألف جريح فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي".

أما موقع وكالة أنباء "رويترز" فاستخدم مصطلح "الحدود الإسرائيلية" للإشارة إلى حدود قطاع غزة مع فلسطين المحتلة سنة 1948.

وذكر في تقرير له ارتفاع عدد الفلسطينيين "الذين قتلوا في مواجهات اندلعت قبل أسبوع على الحدود بين القطاع و(إسرائيل)"، واستخدم أيضًا مصطلحي "أحداث العنف، وعمليات القتل"، لكنه لم يذكر أن قوات الاحتلال المدججة بالسلاح هي التي تستهدف المدنيين العزل.

كما قدّم الموقع رواية جيش الاحتلال الذي زعم أن إحدى طائراته استهدفت ما وصفته بأنه "مسلح" قرب السياج الفاصل، وفي مرة أخرى نقل مزاعم جيش الاحتلال أنه لم يستخدم الرصاص الحي سوى ضد أشخاص "حاولوا تخريب السياج الحدودي"، لكنه في المقابل لم يُتبع ذلك بإيضاح الطبيعة السلمية لمسيرة العودة.

وفي خلفية إخبارية ذكر الموقع أن (إسرائيل) نشرت قناصة لما قال إنه "وقف محاولات اختراق الحدود"، وهي رواية مطابقة لرواية الاحتلال.

أما موقع "سي ان ان"، فقد عنون مادة إخبارية بـ"العنف يشتعل مجددا على حدود غزة في جمعة الكاوتشوك"، دون أن ينسب هذا العنف إلى قوات الاحتلال التي تستخدم الرصاص الحي في مواجهة فلسطينيين عزل.

كما نشر مقطع "فيديو" بعنوان "شاهد.. فلسطينيون ينقلون إطارات السيارات لحرقها قرب حدود غزة"، لكنه لم يظهر قناصة جيش الاحتلال الذين يستهدفون مسيرة العودة السلمية.

وذكر الموقع في تقرير له "اشتعلت المواجهات مجددا، الجمعة، بين المتظاهرين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية على حدود قطاع غزة"، وفي ذلك مساواة بين الفلسطينيين السلميين وقوات الاحتلال التي تطلق النار تجاههم وتحتل أرضهم.

وقال الموقع إن ما أسماها "المواجهات" أسفرت يومها "عن مقتل 20 فلسطينيا"، دون أن يقول بوضوح إن مرتكب فعل القتل هو جيش الاحتلال.

وفي مقطع فيديو، حاول الموقع إظهار أن إطلاق قوات الاحتلال قنابل الغاز على الفلسطينيين جاء "كرد" على إحراق إطارات، وأن ذلك جاء "وسط تهديدات بإطلاق الرصاص الحي"، لكن الحقيقة المثبتة قانونيا، هي أن (إسرائيل) التي تحتل أراضي الفلسطينيين بقوة السلاح، بادرت إلى مهاجمة مسيرة العودة السلمية التي تتطابق تماما مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 القاضي بحق العودة، وقتلت وجرحت منهم بالفعل الآلاف على الأقل منذ 30 مارس الماضي.

واستخدم الموقع أيضًا الفعل المبني للمجهول "قُتِل" للحديث عن استشهاد فلسطينيين، دون أن يقول بشكل واضح إن الذي ارتكب فعل القتل هو الاحتلال.

"ضغط هائل"

ويقول أستاذ الإعلام د. فريد أبو ضهير–خريج جامعة ليدز البريطانية- إنه من خلال معايشته ودراسته في الغرب لنحو 10 أعوام، تبين له أن (إسرائيل) وأنصارها و"اللوبي الصهيوني" في العالم يمارسون ضغطا هائلا على وسائل الإعلام الغربية.

ويضيف أبو ضهير لصحيفة "فلسطين": "هناك أناس يبدو أنهم متفرغون لهذا الموضوع من خلال علاقات وضغوط سياسية وانتقادات لاذعة وقد شكّلوا نوعا من الفوبيا (رهاب) عند وسائل غربية خوفا من أن تمس (إسرائيل)، فلذلك تحرص هذه الوسائل على أن تكون في الوسط وأكثر ميلا للجانب الإسرائيلي".

ويوضح أن وسائل الإعلام الغربية "في النهاية تعمل في بيئة ليس فيها صوت عربي أو ضغط عربي أو فلسطيني بالتالي الساحة مفتوحة للإسرائيليين".

ويرى أن وسائل إعلام غربية تتجنب ذكر أي مسألة قد تسبب حرجا للاحتلال الإسرائيلي أو لليهود في الدول الغربية، مبينا أنه في ظل "غياب وجود الطرف الفلسطيني" في البيئة التي تعمل بها هذه الوسائل، فإنها تبقى "أسيرة للرواية الإسرائيلية".