على بساطة عمله وحرصه على تأمين لقمة العيش لأطفاله لم تمتنع قذائف دبابات الاحتلال الإسرائيلي عن استهدافه، إنها قصة الغزي الأعزل عمر سمور (30 عامًا).
في ساعات الفجر الأولى كان سمور يتجه إلى منطقة قريبة من السياج الاحتلالي الفاصل شرق بلدة القرارة جنوب القطاع، ليقص البقدونس برفقة زملائه في العمل بمقابل بسيط جدًّا يساعده على تأمين لقمة العيش لصغاره.
وبعد نحو ساعتين من عمله كان موعد عمر مع الشهادة، حين باغتته ومن معه دبابة احتلالية بقذيفتين، فارتقى شهيدًا، وأصيب آخر كان يعمل بجواره بجروح.
وحيد سمور والد الشهيد عمر قال لصحيفة "فلسطين": "كان ابني يتوجه إلى العمل يوميًّا على السياج الفاصل لجمع البقدونس، لم يجد عملًا آخر، فلجأ إلى هذه المهنة".
وأضاف: "ذهبت إلى أداء صلاة الفجر في المسجد، فأخبرني أحد أقاربي أن عمر مصاب، وعندما خرجت من المسجد وجدت سيارة أحد أقاربي ينتظرني لينقلني إلى المستشفى، شعرت بالرهبة حينها، وقلت يبدو أن شيئًا ما حدث لعمر، ولم يصب فقط".
تابع: "صعدت إلى السيارة، وفي الطريق اتصل عمي بي، وقال لي: (الله يعوضك خير، عمر استشهد)".
هادئ ورزين
وذكر الأب أن ابنه كان "هادئًا لا يعرف المشاكل، وعندما يجد أن أحدًا سيعاركه يعود فورًا إلى المنزل تجنبًا للمشاكل".
على بساطة عمل عمر كان حريصًا جدًّا على تأمين لقمة العيش لأطفاله، وكان آخر ما تناوله في المنزل كوبًا من الشاي الساخن وقطعة خبز، ثم توجه إلى عمله وعاد منه محملًا على الأكتاف.
دنيا سمور (24 عامًا) زوجة الشهيد قالت لصحيفة "فلسطين": "لدي ابنتان: الأولى عامان والثانية خمسة أشهر، فراق عمر صعب جدًّا، لم أكن أتوقع استشهاده مع أنه كان يذهب إلى منطقة خطرة، كان طيب القلب حنونًا لا يتأخر عن خدمتنا قط، ولكن هذا نصيبه".
وأضافت: "قبل استشهاده أخبرته أنني أريد الذهاب إلى مسيرات العودة للمشاركة فيها، فوافق وقال: "عندما أعود من العمل سنذهب"، ولكنه لم يعد، وترك لي ابنتين لا أعرف ما مصيرهما".
وتابعت: "على بساطة عمل عمر في قص البقدونس كان دائمًا حريصًا على تلبية كل المستلزمات لطفلتيه، وكان دائمًا يقول إن الحال سيتحسن بعد رمضان، واليوم رحل قبل أن يأتي الشهر الكريم".
وذكرت أن زوجها الشهيد كان يخرج من الساعة الثانية والنصف ليلًا يوميًّا، ويعود عند الحادية عشرة ظهرًا.
"أصبحت بلا شيء، ولا أدري كيف سأكمل حياتي دونه" قالت دنيا.
وبحسب رواية أحد الشباب العاملين مع عمر في قص البقدونس: إنهم كانوا على بعد مسافة كيلو متر من السياج الفاصل، وكان الهدوء يخيم على المكان، ثم تحركت دبابة احتلالية، وتمركزت على أعلى منطقة البركة شرق البلدة، ودون أي تحذير أطلقت قذيفتين صوب العمال، أصابت إحداها عمر إصابة مباشرة، ليستشهد على الفور، وأصيب العامل أحمد الشامي.
وواجه العاملون صعوبة في نقل الشهيد والجريح، بسبب صعوبة الاتصال بسيارة الإسعاف، التي وصلت على الفور بعد الاتصال بها.