أكد مختصان في الشأن الإسرائيلي، أن تحريض جيش الاحتلال الإسرائيلي على مسيرة "العودة الكبرى" الشعبية السلمية، التي انطلقت الجمعة الماضية على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، يهدف لتبرير جرائمه بحق المتظاهرين العزل الذين شاركوا في المسيرة.
وأوضح المختصان، أن مسيرة العودة سببت لدولة الاحتلال إحراجًا على المستوى الدولي، بعد أن نقلت وسائل الإعلام العالمية عملية قتل المتظاهرين بدم بارد.
وكان وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان، هدد باستخدام القوة بشكل أكبر وأكثر حدة ضد المتظاهرين في مسيرة العودة في المرة المقبلة، زاعمًا أن 90% ممن شاركوا في المسيرة الحدودية هم من عناصر حماس وعائلاتهم.
واعتدى جيش الاحتلال، الجمعة الماضية على فعاليات مسيرة العودة قرب الشريط الحدودي شرقي القطاع، ما أدى إلى استشهاد 16 مواطنًا وإصابة نحو 1500 أخرين، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة.
أربعة أسباب
ورأى مدير مركز الدراسات المعاصرة في مدينة أم الفحم شمال فلسطين المحتلة عام 48 صالح لطفي، أن أربعة أسباب تقف وراء الاتهامات الإسرائيلية، أولها الحرج الدولي الذي سببته لـ(تل أبيب) بعد المجزرة التي ارتكبتها الجمعة على حدود غزة، ولذلك ادعت أنها استهدفت "إرهابيين" -حسب وصفها- من حركة حماس.
والسبب الثاني، وفق لطفي، يتمثل بالأصوات داخل الاحتلال نفسه وخصوصا داخل القوس السياسي الإسرائيلي، حيث صدرت ردود فعل قاسية لم تكن تتوقعها المؤسسة الإسرائيلية السياسية والعسكرية، وهذه الأصوات رأت أن ما قام به الاحتلال هو عملية غير أخلاقية، وكان بإمكان جيش الاحتلال أن يعتقل وحتى أن يجرح لا أن يقتل أناسا عزلًا وأبرياء.
وأضاف لطفي لصحيفة "فلسطين"، أن السبب الثالث هو الإشهار الذي حدث، فكل وسائل الاعلام نقلت بشكل حي ومباشر جرائم القتل التي ارتكبها جيش الاحتلال، وهذا أزعج العالم أجمع حتى داخل المجتمع الأمريكي ووسط اليهود الأمريكيين والتي أعربت عن رفضها لما قام به جيش الاحتلال.
وتابع أن السبب الرابع يتمثل في مواقف المنظمات الدولية والتي احتجت على ممارسات جيش الاحتلال، وطالبت بالتحقيق، ولذلك يحاول الاحتلال بكل الوسائل تبرئة نفسه من هذه الجريمة بدعم أمريكي ومن بعض الدول العربية لتمرير الجريمة التي ارتكبها، حسب اعتقاده.
وبين أن محاولات تبرير الجريمة من قبل عسكريين وقانونيين وسياسيين إسرائيليين، ناتجة عن مخاوفهم من أن يتم اعتبار ما جرى "جريمة حرب" وملاحقتهم في المحاكم الدولية، وهذا سيعود بالضرر على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
ولم يستبعد المختص في الشأن الإسرائيلي، أن تكون هذه الاتهامات محاولة لتبرير جرائم إسرائيلية في المستقبل، وتكرار ما حدث الجمعة الماضية.
وأضاف لطفي: "إن تصريحات بعض العسكريين الإسرائيليين بضرورة اتباع سياسة ضبط النفس، لا يجب الوثوق بها، لأن المستوى العسكري يتخبط ويطلق تصريحات متغيرة".
خطاب إعلامي
من جانبه، قال المختص في الشأن الإسرائيلي عوض عبد الفتاح: إنه "ليس لدولة الاحتلال أي سبب أو حجة لتبرير جريمتها بحق المتظاهرين العزل، إلا هذه الاتهامات بأن حماس هي التي نظمت المسيرة وأن الشهداء هم مسلحون من الجناح العسكري لحركة حماس".
وأوضح عبد الفتاح لصحفية "فلسطين"، أن أسهل شيء بالنسبة للاحتلال لتبرير جريمته في قتل الأبرياء أن يزعم أن حماس هي التي نظمت المسيرة، وأنه استهدف مسلحين فلسطينيين.
ولفت إلى أن الاحتلال جهز خطابه الإعلامي بالتعاون مع أجهزته الاعلامية والسياسية والعسكرية، لمواجهة جماهير شعبية احتشدت أمام السياج لإعادة الأنظار إلى القضية الفلسطينية التي تتهددها "صفقة القرن" بالتصفية، قبل انطلاق المسيرة".
وهذه يعني أن كل الاتهامات والتبريرات هي جزء من إستراتيجية إعلامية إسرائيلية وضعتها أجهزة المؤسسة الإسرائيلية قبل أن تبدأ المسيرة، حيث تابعوا ودرسوا مشكلة الإعلام وكيف ستظهر صور جنودهم وقناصيهم وهم يقتلون أناسًا أبرياء غير مسلحين، وفق عبد الفتاح.
ولفت إلى ضرورة الاستفادة مما جرى الجمعة الماضية، وتنظم المسيرة بصورة أفضل وعدم الاقتراب من السياج حتى لا يعطوا مبررا للاحتلال باستهدافها، والسماح بمشاركة عدد أكبر من المتظاهرين، وتقليل الخسائر واستدامة الصمود.
وأعرب عبد الفتاح عن اعتقاده بأن الاحتلال سيكون حذرًا في تعامله مع المسيرة؛ لأن الصورة المتداولة في العالم حول المسيرة، أن (إسرائيل) قتلت أناس أبرياء، وخصوصًا أنها تهتم بالرأي العالمي خوفًا من تآكل شرعيتها، مشيرًا إلى أن ذلك لا يمنع أن تلجأ إلى وسائل قمعية جديدة في المرات المقبلة.

