في كل مرة تتداعي فيها الأمم المتحدة من أجل "إحياء" مفاوضات السلام يكون الهدف "قتل" ثورة الشعب الفلسطيني في سبيل استرداد حقوقه والتخلص من الاحتلال الواقع عليه، فاتفاقية أوسلو لم ترَ النور إلا بعد أول انتفاضة للشعب الفلسطيني عام 1987، حيث كان اعتراف منظمة التحرير بحق دولة الاحتلال في الوجود بعدها بعام في الجزائر، وكذلك كانت الدول الغربية والعربية بعد كل حرب تشنها دولة الاحتلال على قطاع غزة ولا تحقق أهدافها فيها وتدخل نفسها في مأزق تجتمع من أجل اعادة الاطراف الى مفاوضات السلام، والآن يفعلون ذات الشيء بعدما بدأت مسيرات العودة الكبرى في تحقيق أهدافها، فنراهم يتخبطون ويتلاومون ويدعون لضرورة عودة الأطراف الى طاولة المفاوضات .. ما هي قصتهم؟
على المجتمع الدولي أن يعلم أن مسيرات العودة الكبرى إنما هي شكل من أشكال المقاومة والتي تهدف الى اعادة الحقوق لأصحابها الشرعيين ولا تهدف إلى إعادة الأطراف الى طاولة المفاوضات، فشتان بين عمل مقاوم من أجل تأكيد حقوقنا وتثبيتها وبين مفاوضات لا تؤدي سوى الى إضاعة الحقوق. شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة خرج عن بكرة أبيه بطريقة سلمية ليقول للعالم أنه يريد العودة إلى أرضه التي أخرج منها عام 1948، وأنه يرفض اتفاقية أوسلو وصفقة ترامب وكل المؤامرات التي تحاك ضده وضد قضيته. لم يخرج شعبنا ولم يقتل شبابنا حتى تعود المفاوضات الهزلية والعبثية الى سابق عهدها، فالعودة الى طاولة المفاوضات ليست مطلبا شعبيا ولا هدفا ثوريا بل هي من اسباب الغضب الفلسطيني وثورته.
منظمة التحرير الفلسطينية تريد استغلال مسيرات العودة الكبرى لتحقيق مكاسب سياسية، نحن لا نعارض ذلك ولكن على منظمة التحرير أن تعلن رفعها للعقوبات المفروضة على قطاع غزة وأن تعيد له الاعتبار، ولا يعقل أن تدافع عن شعب أنت تعاقبه فحجتك ستكون واهية ودفاعك لا معنى له، وعلى منظمة التحرير وقبل كل شيء أن تطالب برفع الحصار عن غزة وأن تسعى بشكل جاد لتحقيق المصالحة الوطنية.
نعلم علم اليقين أن الغرب والعرب لم يتحركوا من أجل من سقطوا من شهداء وجرحى من الفلسطينيين في الايام الاخيرة، لأن حصارهم قتل أضعافهم ولأنهم سكتوا عن محارق ومجازر أكبر ارتكبها المحتل الإسرائيلي بحق غزة وحق الضفة الغربية، ولكنهم يريدون حماية أمن المحتل الإسرائيلي الذي يواجه أخطارا ويتوقع انفجارا لا قبل له بها، ولذلك فإنني أحذر كمتابع للوضع الفلسطيني من أن أي انفجار قادم لن ينتهي باجتماعات دولية لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات ولن ينتهي بتهدئة مشروطة تتهرب (إسرائيل) لاحقا من دفع استحقاقاتها، وليعلم الجميع أن الفلسطيني مؤمن ولا يلدغ من جحر مرتين، ولذلك لا بد من رفع الحصار عن غزة ووقف المؤامرة العربية الغربية على القدس وفلسطين وعلى الأطراف الداخلية أن تنهي الانقسام بشكل فوري لنزع فتيل الانفجار.