فلسطين أون لاين

​الباعة المتجوّلون في خيام العودة.. عصفوران بحجر واحد

...
بائع في المنطقة الحدودية شرق غزة (تصوير / ياسر فتحي)
غزة - نور الدين صالح

على وقع أناشيد الثورة الفلسطينية يقف المواطن أبو حسن زقوت خلف "كانون النار" التي رصّ عليه قطع الخبز محشوة باللحم قرب خيام العودة شرق مخيم جباليا شمال القطاع.

وتحت أشعة شمس يوم حار نسبياً، يُمسك زقوت بيده قطعة بلاستيكية دائرية الشكل، ويلوّح بها يميناً وشمالاً فوق "الكانون" ليزيد من لهيب الفحم المشتعل، يقول مازحاً: "هذا ساندويش كباب برائحة العودة".

ولربما أراد زقوت بتواجده قرب خيام العودة على الحدود الشرقية، أن يمزج بين مهنته وتحقيق حلمه بالعودة لبلدته "المجدل" التي هجر الاحتلال أجداده منها عام 1948.

وزقوت (30 عاما) من سكان بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وقدم إلى خيام العودة من أجل تحصيل قوت أسرته المكونة من 4 أفراد ببيع "عرائس الكباب" للمتظاهرين السلميين في المسيرة التي انطلقت الجمعة الماضية.

ويضيف "وجودي هنا يخدمني ويخدم المشاركين فأنا أحصّل رزقي، كما لا يضطر المتظاهرون الذين تركوا بيوتهم منذ ساعات الصباح للسير مسافات طويلة للحصول على ما يقيت بطونهم".

ويجول بعينيه تجاه الخيام المنصوبة في المكان، قائلاً لصحيفة "فلسطين": "إنها تحمل معاني كبيرة، وتعطي أملًا بأن القضية الفلسطينية حية لن تموت، وسنعود لأرضنا".

ويأمل زقوت، أن يتحقق حلمه بنقل "البسطة" التي يعيل منها أسرته، إلى الأراضي المحتلة، ويفتتح مطعما حيث مسقط رأسه، مستدركاً "حتماً سنعود بإذن الله، وستتحرر فلسطين كاملة قريباً".

وعلى مسافة مترين تقريباً من زقوت، يحدق الشاب محمد سالم ببصره نحو السياج الفاصل الذي يتمترس خلفه العشرات من جنود الاحتلال، في رسالة واضحة منه على مدى شوقه للعودة لأرضه.

والشاب سالم الذي يبلغ واحدًا وعشرين سنة، صاحب "بسطة" صغيرة يبيع مثلجات البراد (عصير كثيف القوام بنكهة الليمون)، ويقول: "جئت إلى الخيام للبيع، وإيصال رسالتي بتمسكي بالوطن معاً".

ويرى في الخيام "خطوة هامة على طريق العودة للأراضي المحتلة"، موجهاً رسالته للاحتلال "أنا راجع إلى بلادي والقدس بإذن الله".

لم يختلف الحال كثيراً لدى المواطن خضر مبارك (50 عاماً)، الذي وقف إلى جانب "بسطة حديدية" مكونة من عدة طبقات، تضم بين ثناياها مخبوزات من الكعك والمعمول وبعض المعجنات الأخرى.

ويصف مبارك الذي يُعيل أسرة من 4 أفراد، مسيرات العودة بـ"الفكرة الجيدة، وتخدم القضية الفلسطينية، وتوصل رسالة هامة بحق الشعب الفلسطيني بأرضه".

حُب الوطن والسعي لقوت عائلته، كانا دافعين لمبارك، بالتوجه للحدود الشرقية حيث تواجد خيام العودة الكبرى، قائلاً: "أتمنى أن ابيع لو في خيمة صغيرة داخل الأراضي المحتلة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة".

ويحكي: "سبعون عاماً والشعب الفلسطيني صامد في أرضه، في حين يُماطل الاحتلال، ويروج فكرة الرحيل لشبه جزيرة سيناء (...) هذه تخاريف فلسطين أقرب لنا من أي مكان غير بلدنا ما بنروح".

وفي مشهد آخر يشد الانتباه في ذات المنطقة، تقدم أحد الباعة إلى منطقة قريبة من السياج الفاصل مع الاحتلال، وهو الشاب علي عسلية (19 عاماً) الذي أخذ ينادي على الفتية والأطفال لشراء حلوى الحلب (بلح الشام) والعوامة (لقمة القاضي)، مشيرا إلى أنه يحقق هدفين بتواجده في المكان الأول إعالة نفسه وأسرته، والثاني التصدي لأي مواجهات قد تندلع مع الاحتلال.

ويقول: "أتينا هنا سعياً لرزقنا وتأكيداً على تمسكنا بحق العودة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة".

ويعرب عن فخره بفكرة نصب خيام العودة، متمنياً أن يحقق حلمه بالبيع داخل الأراضي المحتلة.