تستعد هيئة فلسطينية تعنى بتوثيق جرائم الحرب إلى رفع ملف الشهيد المقعد إبراهيم أبو ثريا (28 عامًا)، إلى محكمة الجنايات الدولية بعدما تنصل جيش الاحتلال الإسرائيلي وبرأ جنوده من قتله شرق مدينة غزة نهاية العام الماضي.
وفي وقت ادعى فيه جيش الاحتلال أن جنوده أوقفوا إطلاق النار قبل ساعة من استشهاد الجريح أبو ثريا، قال محامي مركز الميزان علاء السكافي الموكل بقضية أبو ثريا: "لدينا الدلائل التي تثبت مسؤوليتهم عن قتله".
وبحسب السكافي، فإن المركز الحقوقي تتوافر لديه معطيات ونتائج تقرير الطب الشرعي، وكذلك تقرير الكشف والمعاينة وشهادة الشهود، وإفادات من عدة أطراف وتقارير أخرى رسمية تتعلق بحادثة إطلاق النار مباشرة صوب أبو ثريا في أثناء مشاركته في مسيرات المقاومة الشعبية في منطقة "ناحال عوز"، شرقي مدينة غزة.
وقال الحقوقي لصحيفة "فلسطين"، إن ملف أبو ثريا بات جاهزًا من كل النواحي.
وكان السكافي الذي أوكلت عائلة أبو ثريا قضية ابنها الشهيد إليه، تقدم بطلب فتح تحقيق جنائي في الحادث، وجاء الرد لاحقًا أن جيش الاحتلال بدأ التحقيق.
لكنه قال إننا لم نبلغ من الاحتلال بإنهاء التحقيقات في حادثة استشهاد أبو ثريا.
وكان قد أرسل إخطارًا إلى قسم التعويضات في وزارة جيش الاحتلال قبل مرور 60 يومًا على استشهاد أبو ثريا في 15 ديسمبر/ كانون أول من عام 2017، حفظًا لحق العائلة في رفع قضية تعويض أمام محاكم الاحتلال.
ودلل على مسؤولية الاحتلال عن استشهاد أبو ثريا باستشهاد الشاب ياسر سكر أيضًا في منطقة "ناحال عوز" بعد استشهاد أبو ثريا بقرابة ساعة، وذلك مثبت في تحقيقات المركز.
وقال: "إن توجهنا هو إظهار تغيب العدالة في هذه البقعة من الأرض المتمثلة بدولة الاحتلال. فليس هناك عدالة في تلك المنطقة كما تدعي؛ لأن القضاء غير نزيه وغير محايد ولا يقوم بالواجب المنوط به".
وكان الاحتلال طلب من المركز المقذوف الإسرائيلي الذي أصاب أبو ثريا واستقر في رأسه.
لكن السكافي استبعد تسليمه لشرطة الاحتلال العسكرية التي أجرت تحقيقًا في الأسابيع الماضية مع قناصين من وحدة "ماغلان" التابعة للواء الكوماندوز في جيش الاحتلال.
وأضاف السكافي، أننا "لا نثق بالاحتلال ولجان التحقيق التي شكلها ولا حتى بمحاكمه وقضائه. فالواقع أثبت هذا بعدما توجهنا في كثير من القضايا إلى محاكم الاحتلال ولن نجد أي نتيجة إيجابية لصالحنا".
وبحسب محامي مركز الميزان، فإن المقذوف الذي استخرج من رأس أبو ثريا، يطلق من عدة أسلحة قنص.
وفي وقت لم يحدد نوع السلاح الذي أطلق المقذوف صوب أبو ثريا، نفى السكافي أن يكون السلاح من نوع "AK 47" (كلاشينكوف)، وهو السلاح الذي لا يستخدمه جيش الاحتلال.
وبين أن طول المقذوف الذي استخرج من رأس ثريا عقب تشريحه (32,05) ملم وقطر (7,62) ملم.
وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية المستقلة لجرائم الحرب "توثيق" عماد الباز: لا يمكن أن نقبل أن تكون محاكم الاحتلال مكانًا للفصل في النزاع بيننا وبين جيش الاحتلال.
وأضاف الباز في تصريح لصحيفة "فلسطين": "محاكم الاحتلال غير عادلة أو نزيهة، لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقبل بأن نذهب إليها".
وبرر الباز ذلك، بأنها تنحاز لجيش الاحتلال، وثبت ذلك عمليًا من خلال مئات القضايا التي رفعتها مراكز حقوق الإنسان وكانت النتيجة في النهاية صفر.
وتابع: "من أجل ذلك لن نذهب إلى القضاء الإسرائيلي المنحاز لجيش الاحتلال وسنتوجه إلى الجنايات الدولية؛ وكل ما لدينا من أدلة سيقدم إليها".
ويمر جيش الاحتلال بحالة تخبط منذ استشهاد أبو ثريا، كما يقول الباز، فمنذ لحظة استشهاده أعلن الاحتلال أنه غير المسؤول، ولاحقًا شكل لجنة للتحقيق مع جنوده، وأخيرًا يعلن أن إطلاق النار توقف قبل ساعة من استشهاد أبو ثريا.
لكن الباز أكد أن لدى الهيئة الفلسطينية المستقلة دلائل قوية جدًا تثبت أن استشهاد أبو ثريا كان بسبب إطلاق النار من جنود الاحتلال.
وأضاف رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية المستقلة لجرائم الحرب "توثيق"، التي لديها المقذوف الإسرائيلي الذي استخرج من رأس أبو ثريا، "سيتم رفع الدلائل إلى محكمة الجنايات الدولية وتقديم طلب فتح تحقيق في استشهاد أبو ثريا".
وفي وقت سابق تواصلت "توثيق" مع الجهات المسؤولة في السلطة الفلسطينية لرفع دعوى من خلالها في الجنايات الدولية.
ويعرف الباز جيدًا أن إحالة ملف الشهيد أبو ثريا للجنايات الدولية من قِبل السلطة كون فلسطين دولة مراقب في الأمم المتحدة، أقوى من التقدم بشكوى للمحكمة من خلال العائلة.
لكن لأننا لم نستلم ردًا حقيقيًا من السلطة الفلسطينية، فإننا مضطرون لأن نذهب بعائلة الشهيد ونتقدم بشكوى أمام الجنائية الدولية للتحقيق في استشهاد أبو ثريا.
وكان الشاب المقعد فقد ساقيه إثر قصف إسرائيلي استهدفه ومجموعة من الشبان في المحافظة الوسطى لقطاع غزة في عام 2008.
وتحول أبو ثريا إلى أيقونة فلسطينية في مواجهة الاحتلال بعد مشاركته في المواجهات قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة سنة 48، رفضًا لاعتراف رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل).
ولاقى اعتراف ترامب الذي ينوي نقل سفارة بلاده إلى القدس منتصف العام الجاري، سلسلة فعاليات محلية وعربية ودولية مناوئة له ما زال صداها يتردد حتى اليوم.