فلسطين أون لاين

​استحقاق ديني ووطني

غزيون: مسيرات العودة مشهد لحلم يراود الفلسطينيين منذ 70 عامًا

...
غزة - مريم الشوبكي

مشهد مصغر لحلم يراود الفلسطينيين منذ 70 عاما حشود تستعد للمسير في الثلاثين من مارس/آذار القادم، نحو الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي من الشمال إلى الجنوب، أشبه بصورتهم عندما هجروا قسرا من أراضيهم عام 1948م بعائلاتهم وأطفالهم وطعامهم وملابسهم كمن يهم فعلا للعودة لدياره حاملين مفاتيح العودة.

صحيفة "فلسطين"، استطلعت آراء الغزيين نحو نيتهم المشاركة في مسيرات العودة الكبرى، التي ستنطلق يوم الجمعة القادم، والدوافع التي دفعتهم نحو هذا النفير؟!، وردهم على من يعتبرون أن هذه المسيرات ما هي إلا لزيادة عدد الشهداء والجرحى.

لي حق

ميسون النباهين مشرفة تربوية بالجامعة الاسلامية تقطن في البريج، ككثير من الفتيات فتاة تربت بغزة، ولا تعلم عن بلدتها الأصلية بئر السبع شيئا عدا عما سمعته من أجدادها والقليل القليل من والدى .

تقول النباهين لـ"فلسطين" : " لكنى تربيت على حب فلسطين قبل كل شيء، تربيت على أن لي حقا خلف تلك الحدود لا بد أن أنتزعه من مخالب الصهاينة مهما كلفنا ذلك من دماء".

وتضيف : " دافعي الرئيسي أن لي حقا قد سرقه بنى صهيون ومهما طال الزمن سنسترجعه ونعود إن شاء الله وتعود فلسطين كلها".

وتتابع النباهين : " لو لم أشارك بمسيرات العودة فأنا لا أستحق أن أكون فلسطينية، ولا أستحق حتى أن اتحدث باسمها في اي محفل، باختصار مشاركتي تأتي من باب الرفض لكل قنوات التطبيع والمفاوضات الهزيلة، ولكل القرارات التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الان".

وتمضي قائلة : " كنت أتمنى أن تكون هذه الخطوة من سنوات فلقد أتت متأخرة جدا، ولعل في الأمر خيرا أنها جاءت في هذا الوقت خيرا مما لا تأتى أبدا".

وتؤكد النباهين أنها مشاركة لتأكيد على أحقية الفلسطينيين بفلسطين قاطبة، ورفض أي وطن بديل عنها، ورفض لكل العابثين بالقضية.

البعض يرى أن مسيرات العودة ماهي إلا لزيادة أعداد الشهداء والجرحى، تجيب : " فعلا هذا كلام الكثيرين لكن أحب أن قول لهم ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، 60سنة نفاوض بماذا خرجنا ؟! ".

وتكمل النباهين حديثها : " اليهود لما خرجوا من غزة خرجوا منها أذلة صاغرين، خرجوا بقوة السلاح، وكما إن هذه المسيرات كما أعلن عنها أنها سلمية".

وتلفت إلى أن الفلسطينيين في هذه المسيرات يردون توجيه رسالة للعالم بأن لهم خلف هذه الأسلاك بلاد سرقها منهم الاحتلال، وأنه قد يكون جزء من تلك المؤامرة التي حيكت ضدهم وأخرجتهم من بلادهم.

وتختم النباهين حديثها : " فلسطين مهرها غالى، وإن لم نقدم الشهداء، والأسرى، والجرحى، فداء لتربها الغالي فلن تعود، ومن يحلم أن عباس وسلطته سترجع له فلسطين أو القدس فهو حالم وأتمنى منه أن يستيقظ لأن عهد الأحلام قد انتهى، إن كان دمي ثمن لحرية بلادي فمرحبا بالشهادة ، شلال الشهداء منذ العام 48 م هو مستمر ولا ضير أن نكمل لتتحرر بلادنا".

استحقاق ديني

أما أحمد جبريل الذي يعمل محاميا ويقطن مدينة غزة، يؤكد على أن مسيرة العودة الكبرى هي استحقاق ديني ووطني وقانوني لكن هذا الحق بحاجة للحشد الإعلامي والبشري، وكلما كان عدد المشاركين أكبر كلما كان ذلك محرجاً للاحتلال.

ويقول جبريل لـ"فلسطين" : " واضح جداً مدى التفاعل والاهتمام من الفلسطينيين في قطاع غزة،

لكن للأسف يبدو أن هناك فتورا خارج القطاع (الضفة , سوريا , لبنان ...)، ومما قد ينجح هذا الحراك هو التحرك بصورة أشبه بصورة الفلسطينيين عندما هجروا عام 48 أي بعائلاتهم وأطفالهم وطعامهم وملابسهم كمن يهم فعلاً للعودة لدياره".

ويتابع : " التحضيرات من قبل الاحتلال، والتحذيرات وآخرها إلقاء المنشورات ما هي إلا دليل واضح على أنها ستحدث نتائج ولو بالحد الأدنى إحراج الاحتلال الإسرائيلي".

ويضيف جبريل : " المسيرات ستكون سلمية ولن تلتحم مع قوات الاحتلال، وأنها ستبعد مسافة تقارب ال700 متر، و ولكن هذا لن يضمن وقوع الشهداء والجرحى، ولذلك أقول فليدلني من يقول ذلك عن شعب حرر أرضه بدون تكلفة؟!".

لست مجرد رقم

أما نفين الشوبكي تعتبر أن دافعها الأساس هو حقها بكل شبر في أراضها التي سلبت منها عام 48م، من منطق وطني بحق العودة لهذه الأرض.

وتقول الشوبكي لـ"فلسطين" : " لا أعتبر نفسي مجرد رقم على هذه الأرض، بل يجب أن أكون عنصرا فعالا، أطالب بحقي وحق الناس التي هجرت من بلدها".

وتشير إلى أن من حقها الاطلاع والتعرف على كل المدن والقرى الفلسطينية التي احتلها الاسرائيليون، ومنعوا أهالي قطاع غزة من زيارتها، ومن حقها أيضا أن تنعم بالصلاة في المسجد الأقصى ظهرا وتزور يافا عصرا.

وتؤكد الشوبكي أن المشاركة في مسيرة العودة الكبرى، واجب ديني وعقائدي وجهادي سلمي.

ووجهت رسالة لمن يعتبر أن هذه المسيرات لن تحدث تغيرا على الأرض، تقول : " الاحتلال يعد العدة لهذا اليوم ولديه مخاوف من تبعات هذا اليوم، وأرد عليهم بأن هناك مسيرات سلمية كثيرة صارت في كثير من دول العالم غيرت من الوضع الذي كان يعيشه شعبها".

وتضيف الشوبكي : " وتجربة غاندي أكبر برهان، مدام لنا حق في هذه الأرض لا بد أن نأخذه، والمسيرات السلمية نوع من أنواع المقاومة التي تزلزل الطرف المقابل، توصل صوتنا لجميع الدول"

يوم الأرض، يوك يخلد فيه الفلسطينيون ومعهم العالم -في 30 مارس/آذار من كل عام- ذكرى مصادرة الاحتلال الإسرائيلي لآلاف الدونمات في الجليل والمثلث والنقب، ما تسبب في اندلاع مظاهرات حاشدة، سقط فيها شهداء وجرحى.

ترجع قصة يوم الأرض إلى عام 1976 عندما أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مصادرة نحو 21 ألف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) لتنفيذ مشروع أطلقت عليه "تطوير الجليل" وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة، ما دفع أهل الداخل الفلسطيني للانتفاضة ضد المشروع.

مس القرار بشكل مباشر أراضي بلدات عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد ومناطق أخرى من الجليل والمثلث والنقب، أضيفت إلى أراض أخرى صودرت من قبل بغرض بناء مستوطنات جديدة.