الأمن بالنسبة للكيان الصهيوني مثل العمود الفقري للإنسان، فإذا أصيب العمود الفقري بسوء، فالإنسان إن لم يمت، سيصبح مشلولاً ، وهكذا الأمن بالنسبة للكيان إن هم ذهب أمنهم، ذهبوا، لذا يحرص الصهاينة على حفظ أمنهم وحياتهم بكل وسيلة ممكنة، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم (لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ)، وأنهم من أجل ذلك يفعلون كل ما يستطيعون إليه سبيلا، وشعارهم (الغاية تبرر الوسيلة).
ومن ضمن الأدوات التي توصلت لها العقلية الأمنية والسياسية الصهيونية هي فكرة القبة الحديدية كي تحميهم من صواريخ المقاومة، وقد ظهرت الحاجة الملحة لنظام دفاع يحمي الكيان الصهيوني من الصواريخ قصيرة المدى بعد حرب تموز 2006، كذلك أكد هذا الأمر استمرار حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ على البلدات الصهيونية إلى أن تطور الأمر، ووصلت صواريخ المقاومة إلى تل الربيع المحتلة(تل أبيب).
لكن هل نجحت القبة الحديدية في مهمتها وأوقفت الصواريخ؟
يقول المحلل العسكري والأستاذ في جامعة تل أبيب (رؤوفين بيداتسور)، في مقال له في صحيفة هآرتس في يناير 2010، (إن القبة الحديدية كانت أكبر عملية احتيال ضخمة، مع العلم أن زمن رحلة صاروخ قسام إلى سديروت هو 14 ثانية، في حين أن نظام القبة الحديدية يحدد ويعترض الصاروخ بعد 15 ثانية. هذا يعني أن النظام لا يمكنه اعتراض الصواريخ ذات مدى أقل من 5 كم. ويلقي المؤلف الضوء على الفجوة الكبيرة بين تكلفة صاروخ القبة الحديدية (50 ألف دولار) وتكلفة صاروخ القسام (300 دولار أو 1000 دولار)، رغم أنه أقل كلفة من صواريخ سام الأخرى (440 ألف دولار لإطلاق صاروخ RIM-116 Rolling (Airframe.
وفي تحدٍ قوي لكتائب القسام أنه في عام 2014 إبان معكرة العصف المأكول، صرح الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بأن الكتائب ستقصف عدة مناطق ومنها مطار تل أبيب في تمام الساعة التاسعة ليلاً، وعلى الصهاينة أن ينتظروا الوقت المحدد، فظن الصهاينة أن القبة الحديدية ستوقف هطول الصواريخ على اعتبار أن وقت إطلاق الصواريخ قد تم معرفته سلفاً، لكن القبة الحديدية فشلت في مهمتها.
وفي مناورة الصمود والتحدي التي نظمتها كتائب القسام بغزة، تم إطلاق النار في الهواء، فما كان من القبة الحديدية إلا أن أطلقت أكثر من 20 صاروخا اعتراضيا، بعد أن تم تشخيص طلقات الرصاص على أنها صواريخ، وهذا فشل جديد ، وقد خرج القادة الصهاينة يبررون فشل القبة بأنه خلل فني، وبضعهم قال إن ذلك حدث بسبب حساسية مفرطة لدي القبة الحديدية.
وقبل فترة تمكن عدة شبان من اجتياز الحدود مع العدو الصهيوني وإحداث عطب في حفار يعمل ضد الأنفاق، وهذا اعتبره الصهاينة اختراق أمني وفشل كبير بحكم انتشار الجنود والكاميرات على الحدود، ورغم ذلك نجح الشباب وعادوا سالمين.
من هنا نستنتج أن القبة الحديدية هي كما الطالب الذي وفر له أهله كل مقومات النجاح كي ينجح نجاحاً باهراً يقضي على خصومه، لكنه فشل في مهمته بنسبة كبيرة جدا، فلا الصواريخ توقفت ولا الأمن تحقق لهم.