إن النظم القانونية في مختلف دول العالم تتفق على أن حلول خطر اعتداء على نفس ومال شخص ما يبيح له دفع هذا الخطر بنفسه أو بمعرفة الغير من أجل المحافظة على حياته وماله، وهنا تنشأ حالة الدفاع الشرعي لرد اعتداء المعتدي.
فالمُعتدى عليه صاحب حق الدفاع عن النفس والمال، له أن يواجه هذا الاعتداء الواقع عليه بسلوك مضاد لرده.
كما وقفت الشريعة الإسلامية الموقف نفسه، من خلال النصوص الشرعية، ومنها ما جاء في صحيح مسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقتل نفس ظلماً، إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سنّ القتل"، والكفل بمعنى النصيب، وفي صحيح البخاري في السمع والطاعة للإمام لم تكن معصية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحبّ وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"، والعرض كالنفس في الإسلام والدفاع عنهما واجب والمال محترم أيضاً والدفاع عنه حق، بل وواجب على رأي جمهور الفقهاء استناداً إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من مات دون ماله فهو شهيد".
وللدفاع الشرعي عدة شروط لا بد توافرها جميعاً حتى يعتبر سبباً من أسباب الإباحة للفعل الإجرامي, وأهمهاً: يُشترط وجود خطر من المُعتدي يبيح للمدافع التصدي له بالدفاع الشرعي ولا بد لإباحة الوسيلة، التي يدافع بها الشخص عن نفسه، وأن يكون الخطر عبارة عن جريمة يمنعها القانون.
وبالحديث عن الأثر المترتب على توافر الشروط في حالات الدفاع الشرعي والالتزام بالقيود الواقعة عليه هو إباحة الفعل وبناء على الطبيعة الموضوعية لأسباب الإباحة يستفيد من هذا الأثر جميع المساهمين في الجريمة حتى وإن لم يعلموا بتوافر حالة الدفاع الشرعي بحقهم وسواءً كان المساهم في الجريمة فاعلاً أصلياً أم شريكاً أم متدخلاً, ولا شك بأن للمحكمة السلطة التقديرية في الأخذ بهذا الدفع من عدمه وفق رؤيتها ومن ثم في حال إثبات وجود الدفاع الشرعي وجب عليها الحكم ببراءة المتهم, وذلك لأن الأصل في الدفاع الشرعي هو دفوع موضوعية ومن ثم يجب التمسك بها أمام درجات التقاضي.
وفي حال كان أثر الدفاع الشرعي هو إصابة حق الغير دون عمد فيكون في حالات الخلط في موضوع الفعل أو الخطأ في توجيهه دون عمد, فيكون الحكم هنا هو إباحة الفعل طالما لم يصدر عن المعتدى عليه خطأ غير عمدي وذلك من خلال إثبات أنه كان حسن النية حين أضر بالغير، ولكن في حال أصاب حق للغير عن عمد وقصد فلا يوجد في حقه دفاع شرعي وسبب في ذلك هو عدم توافر شروط الدفاع الشرعي الكاملة وأهمها توجيه الدفاع الى الغير وليس إلى مصدر الخطر ولكنه قد يستطيع بالاحتجاج بحالة الضرورة كسببٍ من أسباب انتفاء المسؤولية.
ولقد نص القانون المدني الفلسطيني رقم 4 لسنة 2012م على الحكم بالتعويض في حالة وجود الدفاع الشرعي بالمادة رقم 182.
وتجاوز حدود الدفاع الشرعي يؤدي إلى انتفاء حالة الدفاع الشرعي كون أن معيار التناسب بين جسامة فعل الدفاع والخطر على المعتدى عليه وهو المعيار الأساسي في وجود الدفاع الشرعي وعليه في حال انتفاء التناسب ينتفي الدفاع الشرعي ويصبح مجرمًا ولا مجال لوجود سبب من أسباب الإباحة فيه.
وأخيرًا، الدفاع الشرعي في التشريع الجنائي الفلسطيني، نجد بأن قانون العقوبات الفلسطيني رقم 64 لسنة 1936م المطبق حالياً بقطاع غزة في أحكامه لحالات الدفاع الشرعي وتنظيمه، وإنما درج العمل القضائي على تطبيق أحكامه بالاستناد للمادة 18 من نفس القانون إلا أنه تم تنظيمه والنص عليه صراحة في مشروع قانون العقوبات الفلسطيني القادم بإذن الله.