فلسطين أون لاين

​للنساء فقط.. "سيرك" للسعادة والرياضة

...
غزة - مريم الشوبكي

تمسك بقطعة حرير حمراء وتتسلق عليها بخفة، وفي آخرها تحكم التمسك بها بقدميها، وتتدلى إلى الأسفل وهي في قمة السعادة، وأخرى تمسك ثلاث كرات صغيرات تقذفها في الهواء ثم تلتقطها ثانية، وتجلس على الأرض سيدة ثالثة لتمارس "اليوجا".

هذه المشاهد ليست في سيرك عالمي، بل سيرك مصغر لنساء غزة، تنظمه جمعية "عايشة لحماية المرأة والطفل"، يتحررن فيه من كل الضغوط النفسية الناجمة عن صعوبة الحياة التي يعشنها، وفي نفس الوقت يمارسن الفرح والرياضة معا.

تحسين المزاج

المتدربة هيفاء شعت (25 عاما)، تتدرب على ألعاب اليوجا والألعاب الهوائية، وتخصص لذلك ساعتين أسبوعيًا، وقد لمست فرقًا كبيرًا أحدثته هذه الألعاب في تقوية عضلات جسمها ومرونته.

وقالت لـ"فلسطين": "حينما أنتهي من التمرين، أمارس ما تعلمته في البيت، فأشعر بتحسن في المزاج، وزيادة في النشاط، وصار لدي معرفة بالتمارين التي تناسب كل عضلة على حدة".

أنا وأبنائي

المتدربة ليلى أبو ناصر (27 عاما)، أمٌ لثلاثة أبناء، وأنهت دراستها في العلاج الطبيعي، وجدت في السيرك تمارين تتوافق مع تخصصها، وهي اليوجا الاسترخاء، والألعاب الهوائية وألعاب تقوية العضلات.

وقالت: "الهدف من مشاركتي في التدريب هو شغل وقتي، والترويح عن النفس، بالإضافة إلى هدف اقتصادي، فلعل هذه التمارين تؤهلني للحصول على وظيفة".

وأضافت: "انعكست ممارستي لهذه التمارين الرياضية على شخصيتي، فأصبحت أكثر صبرا وتحكمًا بانفعالاتي، كما أعلم أطفالي بعض التمارين التي تتناسب مع أعمارهم لأتقرب منهم من ناحية، ولأساعدهم على تفريغ طاقتهم من ناحية أخرى".

في كل محافظة

تقطع هند أبو حدايد (30 عاما) المسافة بين خانيونس التي تقيم فيها، وغزة، رغبة في المشاركة في السيرك، لأنها كغيرها من نساء غزة تحتاج لمثل هذه الألعاب لتتخلص من ضغوط الحياة اليومية التي تعيشها.

تحدثت لـ"فلسطين": "في السيرك أمارس أنشطة رياضية لأول مرة أقوم بفعلها، معها أفرغ الطاقة السلبية، وأشعر براحة بعدها، وأطبّق ما أتعلمه على أبناء أخوتي".

وبينت أبو حدايد، الحاصلة على بكالوريوس في الإرشاد النفسي، أنها أصبحت أكثر قدرة على التحكم بمشاعرها بفعل التمارين الرياضية، وأن هذه التمارين ساعدتها على التقليل من التوتر والعصبية.

وقالت: "نحن الغزيون، كبارا وصغارا، بحاجة ماسة للتمارين التي نتدرب عليها في السيرك، فلها قدرة كبيرة على تحسين المزاج والحالة النفسية".

وطالبت بتوسيع مشروع السيرك الاجتماعي، بحيث يُقام في كل محافظات القطاع، وأن تكون المشاركة فيه مجانية لنظرا للظروف الاقتصادية الصعبة السائدة.

متعة ومهارات

ومن جهتها، قالت المدربة في المشروع إكرام السعايدة: "خضعت للتدريب لمدة ستة أيام مع مدربة سيرك إيرلندية، وتركزت التدريبات على ثلاثة تمارين، هي تمارين الإحماء، وتنشيط عضلات الجسم المختلفة، وثانيا تمارين السلك الحراري وأداء بعض الحركات في الهواء بالاعتماد عليه، وأخيرا الألعاب الهوائية المعتمدة على الكرات الصغيرة والحلقات الدائرية، وتركز على التوازن والتركيز".

وأضافت لـ"فلسطين": "هدفي الأساسي من المشاركة في التدريب هو قضاء وقت ممتع، وبعد مرور الوقت لاحظت أن جسدي أصبح أكثر مرونة، واكتسبت مهارات جديدة في التركيز والتوازن".

وتابعت: "على الصعيد الشخصي، أشغل وقتي بأمر مفيد، وأعمل على تعزيز اللياقة البدنية، والتفاعل والتواصل الاجتماعي من خلال تمارين بناء الثقة لكسر الحاجز بين الأفراد".

وبينت أنها كمدربة تثق بأن التمارين ستحدث تغييرًا لدى المتدربات، وأنها تساعداهن على اكتشاف نقاط القوة ونقاط الضعف لديهن.

وأوضحت السعايدة أن "السيرك الاجتماعي يشكل بيئة آمنة للسيدات، فهو غير مدفوع الثمن، والمكان يوفر الخصوصية الكاملة للنساء لممارسة الرياضة بكل راحة".

ثقافة الرياضة

من جانبها، قالت منسقة مشروع السيرك الاجتماعي أمل خيال إن المشروع بدأ في فبراير الماضي ويستمر لستة أشهر، وقد نبعت فكرته بعد قدوم مدربة سيرك إيرلندية للقطاع للتدريب في مدارس السيرك هنا، ولكنها شعرت أن نساء غزة بحاجة إلى سيرك ليكون متنفسًا لهن.

وأضافت لـ"فلسطين" أن المشروع يركز على الصحة النفسية للسيدات من خلال الرياضة، حيث يتضمن ألعاب اليوجا، وقسمًا آخر للألعاب الهوائية والسرك.

وتابعت: "أعلنا عن فرص للتدريب والعمل في عدة تخصصات منها الرياضة، والصحة النفسية، والعلاج الطبيعي، والتمريض، ومن نجحن في المقابلة خضعن لتدريب مكثف على بعض الألعاب والرياضات".

تم اختيار 13 سيدة من تخصصات مختلفة كمدربات للألعاب الهوائية والسيرك، و19 مدربة لرياضة اليوجا، أمّا المتدربات فهن 12 طفلة، و12 مراهقة، و30 سيدة، ويخضعن للتدريب مرة واحدة في الأسبوع، بحسب خيال.

وأشارت إلى أن الجمعية تنتظر قدوم ثلاث مدربات إيطاليات لتدريب المدربات في السيرك تدريبًا مكثفًا لمدة أسبوع، ليطبقن ما يتعلمنه على المتدربات.

وبينت خيال أن الهدف من المشروع ليس تفريغ الطاقة عند النساء فقط بل أيضا تعليمهن مهارات مختلفة ونشر ثقافة ممارسة الرياضة.