فلسطين أون لاين

توابيت سياسية

لو أن كل فصيل فلسطيني اعتقد أن الانتخابات ستعطيه الأفضلية على الآخرين أو أكثر مما يستحق لهرولت الفصائل جميعًا دون استثناء إليها، وصارت مطلبًا شرعيًّا، واستحقاقًا وطنيًّا ملحًّا لا يحتمل التأخير، من أجل إعادة الاستقرار إلى الحالة الفلسطينية شديدة الاضطراب، ولكننا لا نرى أي بارقة أمل في انتخابات عامة: رئاسية وتشريعية وانتخابات مجلس وطني، دون أن يعلن أي فصيل صراحة رفضه الانتخابات.


المصالحة متعثرة، وأحيانًا نراها تتراجع تراجعًا رهيبًا بعد تقدم بضع خطوات وقليل من الأمل، كل الأسباب تطرح مبررات لتراجعها، لكن الأسباب الحقيقية تظل مغيبة، ولا يجرؤ أصحابها على البوح بها، وتظل من أسرارهم المدفونة في أعماق الأعماق، لأنها لا تصلح للنشر ولا هي مدعاة لفخر أصحابها.


منذ إعلان الشاطئ وما بعد العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014م المصالحة تراوح مكانها، كنت ممن طالبوا باستمرار حركة حماس في تقديم تنازلات، ظنًّا أن الأمور قد تتحسن، طالبت الحركة عبر مقالاتي بانسحاب كامل من المعابر، ثم طالبتها بحل اللجنة الإدارية والموافقة على المطالب المطروحة عليها من رام الله، الحركة في النهاية استجابت إلى كل مطالب الرئاسة، لا شك أنه ليس استجابة لي، وإنما استجابة للظروف المحيطة بها ومن أجل مصالح شعبنا ورفع المعاناة عن قطاع غزة، ولكنني اكتشفت أن المطالب لا تنتهي والأوضاع ستظل على حالها.


منذ بداية حوار المصالحة بين فتح وحماس قلت أكثر من مرة إن هناك معضلة وعقبة كأداء أمام المصالحة، ألا وهي إعادة تأهيل منظمة التحرير الفلسطينية، لأن إعادة تأهيلها تعني دخول حماس وغيرها بالانتخابات، والنتيجة الحتمية أن حركة فتح ستفقد الأغلبية فيها، ولأن باقي فصائل المنظمة إما ستندثر وإما ستتقلص بشكل كبير، وسيكون مشروع أوسلو في مهب الريح، وما ينطبق على انتخابات المجلس الوطني ينطبق على انتخابات المجلس التشريعي، ولهذا أغلب فصائل المنظمة ترى صناديق الاقتراع توابيت سياسية تدفن فيها الكثير من الفصائل التاريخية، فكيف بعد ذلك ستوافق على الانتخابات؟!، وكيف سنصل إلى انتخابات؟! أما حركة حماس فلا يهمها خسارة الانتخابات، لأن برنامج المقاومة مستمر بانتخابات أو دونها، وبفوزها أو بخسارتها، وإن كانت مستبعدة.


لذلك أقول: ما المانع أن تعلن حماس أنها مستعدة لتسليم الجمل بما حمل إلى حكومة الوفاق، وألا تطالب بحقوق موظفيها مؤقتًا؟، على أن يسبق ذلك تحديد موعد للانتخابات العامة _ومنها انتخابات المجلس الوطني_ بمرسوم رئاسي، وأن تكون صلاحيات الحكومة محددة بالتحضير للانتخابات، وإدارة المعابر، وجميع الوزارات بما في ذلك الأمن، كما هو متفق عليه في اتفاقيات سابقة، دون أي حديث عن سلاح المقاومة أو المساس به، فإن تمكنا من إجراء الانتخابات يكون الشعب قد اختار من يمثله تمثيلًا حقيقيًّا ليقود الشعب إلى بر الأمان، وإن تعثرت المصالحة ولم تجر الانتخابات تعود الأمور كما قبل الاتفاق، وتصبح الأمور أكثر وضوحًا.