يرى مراقبون أن الهجمة الاستيطانية استعرت وزادت شراستها في مدينة القدس المحتلة، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف بلاده بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، فيما لا تمتلك السلطة الفلسطينية أي خطط لمواجهة هذا الاستشراء في الاستيطان الذي يبتلع المدينة المقدسة.
وكانت سلطات الاحتلال أعلنت عن اعتزامها بناء 600 وحدة استيطانية جديدة في قرية جبل المكبر إلى الجنوب الشرقي من مدينة القدس المحتلة، في خطوة تأتي بتشجيع أمريكي وفي ظل عدم اتخاذ السلطة الفلسطينية، التي تتبنى مشروع التسوية الفاشلة، أي إجراءات من شأنها وقف سرطان الاستيطان.
ووفقا للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، فإن المخطط الجديد يأتي لتوسيع مستوطنة "نوف زهاف".
وهذه المستوطنة ليست الوحيدة في القدس المحتلة، فشرقي المدينة وحده يضم ما يزيد على 38 مستوطنة تشوه الطابع التاريخي والديمغرافي والسكاني.
وتعتبر القدس المحتلة أكثر المدن تأثرا من مشروع جدار العزل العنصري الذي جاء تطبيقا عمليا لمخطط (القدس الكبرى) الاستعماري التوسعيّ.
ويعدُّ جدار الفصل في منطقة القدس حلقة من سياسة الفصل العنصري التي بدأ تنفيذها من شمال الضفة حتى جنوبها، ومن شرقها حتى غربها، باعتبارها آخر السيناريوهات والمخططات لتوسيع حدود بلدية القدس من جهاتها الثلاث: الشمالية، والجنوبية، والشرقية.
سياسة منهجية
مدير وحدة المعلومات الجغرافية في معهد الدراسات التطبيقية "أريج" عيسى زبون، يؤكد لصحيفة "فلسطين" أن ما يجري حاليا في القدس هو ضمن سياسة منهجية تستهدف محافظة القدس بشكل عام والمدينة بشكل خاص، بهدف تغيير وضعها الديمغرافي وطابعها الديني والتاريخي.
ويُبيِّن زبون، أن الإعلان عن 600 وحدة استيطانية جديدة هو جزء من عطاءات عدة موجودة في مكاتب الاحتلال الإسرائيلي منها ما تم الموافقة عليه ومنه ما هو في طريقه للموافقة.
ويشير إلى أن الهجمة الاستيطانية استعرت وزادت شراستها بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف بلاده بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما أعطى حكومة الاحتلال "ضوء أخضر" للمضي قدما في سياسة الاستيطان والتهويد بشكل أكبر من السابق.
وردا على سؤال: ماذا بوسع السلطة أن تفعل ضد الاستيطان؟ يجيب: "أعتقد لا تقدر أن تفعل شيئا"، إلا أنه يضيف: "آن الأوان لرفع ملف الاستيطان لمحكمة العدل الدولية، واتخاذ إجراءات سياسية أكثر صرامة بالنسبة للاستيطان".
يقول زبون إن الموقف الفلسطيني (السلطة ومنظمة التحرير) يغلب عليه التنديد والاستنكار والشجب، في حين استفحل الاستيطان في الضفة الغربية.
ويدعو زبون السلطة إلى دعم صمود الفلسطينيين في القدس المحتلة، مؤكدا في نفس الوقت أن أكبر عقدة في وجه محاولات التصدي للاستيطان، هو الانقسام الفلسطيني، فلو كان الموقف الوطني موحدا لتوفرت أدوات مواجهة بشكل أكبر.
صمت عربي
في غضون ذلك، حذرت وحدة القدس والعلاقات العامة بوزارة الاوقاف والشئون الدينية من مغبة المخططات الاستيطانية المتواصلة القاضية بإقامة العديد من البؤر الاستيطانية على حساب اراضي المقدسيين.
وقال مدير الوحدة أمير أبو العمرين، إن خطوة بلدية الاحتلال تعتزم يناء 600 وحدة استيطانية جديدة في جبل المكبر ليست الاولى ولا الاخيرة إذ ينفذ الاحتلال مخططاته في ظل الصمت العربي والانشغال الاعلامي.
وأضاف في تصريح صحفي، أن هذا المخطط يأتي لتوسيع مستوطنة "نوف زهاف" والتي تضاف الى 350 وحدة استيطانية كانت مقررة خلال المشروع عام 2017 .
وأوضح أن نشاطات حكومة الاحتلال الاستيطانية لا تتوقف، إذ انها تنوي تحويل أربع مستوطنات وبؤرة استيطانية في منطقة الأغوار الشمالية لصالح بناء مدينة استيطانية على آلاف الدونمات.
في السياق، أدان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صالح رأفت، إحلال سلطات الاحتلال ٤٥٠ عائلة مستوطنة في الحي الاستيطاني الجديد بمستوطنة "جبعات زئيف" شمالي القدس المحتلة.
واعتبر رأفت في تصريح صحفي، هذه الخطوات والإجراءات الاستيطانية الاستعمارية المتسارعة وغير القانونية تحديا صارخا للمجتمع الدولي وللقرارات الدولية.
وأكد أن ذلك لن يغير من الوضع القانوني للمدينة المقدسة، مشيرا إلى أن هذه الانتهاكات تأتي بدعم وتنسيق أميركي "فمجموع القرارات الأحادية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية المناهضة لحقوق الشعب الفلسطيني وآخرها توقيع ترامب على قانون تايلور فورس الذي يمنع وزارة الخارجية الأمريكية من تحويل مساعدات لسلطة الفلسطينية كلها تأتي في سياق تقويض السلام وإنهاء حل الدولتين"؛ وفق قوله.