فلسطين أون لاين

​أمهات مهندسي العقود يحتفلن بـ"يوم الأم" أمام بوابة "أونروا"

...
أمهات مهندسي العقود يشاركن أبناءهن الاحتفال بـ"يوم الأم" أمام مقر أونروا (تصوير / رمضان الأغا)
غزة - نور الدين صالح

لم تعد صباح الكرد والدة المهندس عمر، قادرة على إخفاء مشاعر الشوق واللهفة لرؤية ابنها المُعتصم داخل أسوار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" وسط مدينة غزة، احتجاجاً على قرارها إنهاء عقده.

"رغم مرضي وآلام أقدامي، لكنني مشتاقة أشوف ابني الغائب عني منذ 8 أيام"، كلمات تحدثت بها الكرد التي جاءت من مدينة دير البلح في المحافظة الوسطى لتشارك ابنها الاحتفال بيوم الأم.

وبينما سالت الدموع على وجنتيها قالت لصحيفة "فلسطين"، إنها تشعر أن ابنها في سجن "وكل يوم أطفاله يسألونني عنه (..) بدنا بابا".

و بحسرة بدت واضحة على وجهها، أوضحت أن ابنها عمر اعتاد على معايدتها في يوم الأم، مصطحباً معه هدية رمزية، لكن هذا العام يختلف عن سابقه، نظراً للحالة الصعبة واعتصامه داخل مقر "أونروا".

ويعيل الكرد أسرة من 4 أطفال، ويسكن في غرفة بمنزل العائلة التي تكفل أيضاً بإعالتها، كون والده معطلا عن العمل.

وتطالب الكرد، إدارة الوكالة بالتراجع عن قرار إنهاء عقود عمل المهندسين الذين يعملون لدى الأونروا منذ ثلاث سنوات.

وتوجهت "صباح" برسالة إلى كل المسؤولين والجهات المختصة بضرورة النظر بإيجابية المهندسين المعتصمين منذ أيام "فهم لا يريدون سوى العيش بكرامة وإعالة أطفالهم".

ويواصل نحو 95 مهندسًا اعتصامهم أمام "الأونروا" الرئيس بمدينة غزة لليوم 27 على التوالي، منهم 18 مهندسًا يعتصمون داخل مقر الوكالة الأممية رفضًا لقرار وقفهم عن العمل وللضغط عليها من أجل تمديد عقود عملهم، حسبما تم الاتفاق سابقا.

وتقول المسنة وداد أبو زنادة (68 عاماً) والدة المهندس أشرف، إنها لتشارك ابنها في يوم الأم، تضامناً معه وباقي زملائه المعتصمين.

وتقول أبو زنادة لصحيفة "فلسطين"، إن الاحتفال برمزية الأم جاء هذا العام بنكهة الألم والوجع، في ظل استمرار اعتصام المهندسين لليوم الـ 25 على التوالي، من أجل لقمة عيش كريمة".

وبقلب يعتصر ألماً، تصف المُسنة اليوم بـ "العصيب والصعب جداً"، في ظل استمرار اعتصامه منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، وتعرضه لوعكة صحية، نُقل على إثرها إلى المستشفى.

أرادت أبو زنادة أن ترسل رسالة لابنها وزملائه قائلة "قلوبنا تلهج بالدعاء لكم، وأقدامنا لن تتعب لنصرتكم، حتى نيل حقوقكم والعيش حياة كريمة"، داعيةً إدارة الوكالة لضرورة إرجاعهم إلى العمل، وحفظ حقوقهم الوظيفية التي كفلتها القوانين الدولية.

أما هنية جاد الحق، التي تجرعت من كأس الحرمان هي الأخرى، فتقول إنها لم تشعر بالفرحة منذ غياب زاهر عن المنزل، مُستنكرةً قرار الوكالة بإنهاء عمله وباقي زملائه الذين يعملون منذ عدة سنوات لديها.

وتُكمل والألم يجتاح تقاسيم وجهها، أن زاهر هو الوحيد الذي يعمل بين أشقائه، ويُعيل عائلته ووالديه وإخوانه، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها العائلة، كما تقول.

وتتساءل "لماذا تُصر الوكالة على إنهاء عمل المهندسين (..) من وين بدهم يعيشوا ويعيلوا أسرهم؟"، معربة عن أملها أن تتراجع إدارة "الأونروا" عن قرارها وتُعيد جميع المهندسين للعمل، من أجل الحصول على لقمة عيش كريمة.

اتحاد المرأة

إلى ذلك، أكد اتحاد لجان المرأة وقوفه واسناده لمهندسي العقود. وقالت سهير خضر في كلمة عن الاتحاد، إن الساحة الفلسطينية تمر بتطورات سياسية خطيرة، للانقضاض على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، ومنها محاولات إنهاء وجود اللاجئين.

وأكدت خلال وقفة تضامن مع المهندسين، أمام مقر الأونروا، رفضها المُطلق لقرار المؤسسة الأممية "الظالم والسياسي بامتياز"، مشددة على ضرورة مراعاة حقوق اللاجئين بتوفير فرص عمل آمنة وظيفياً.

وأضافت "قرارات الوكالة التقشفية ضد اللاجئين، تشير إلى محاولة إدارة الأزمة على حساب الموظفين، خاصة المهندسين وأصحاب العقود المؤقتة".

وطالبت خضر كل النقابات والاتحادات في العالم، بضرورة الاستمرار في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني، وإنهاء الظلم الواقع عليه، وتقديم قادة الاحتلال للمحاكمة.

ويطالب مهندسو العقود باستئناف عمل اللجنة المشتركة حول تثبيت المهندسين واستكمال الحوارات من النقطة التي توقفت عندها، وتوفير الأمان الوظيفي للمهندسين جميعًا.

وكان مدير عمليات "الأونروا" في قطاع غزة ماتياس شمالي, قال إن وكالة الغوث تعاني من انخفاض دراماتيكي في التمويل الناتج عن القرار الأمريكي.

وأوضح في لقاء جمعه بالصحفيين في 11 مارس/ آذار الجاري، أن ثلث ميزانية الوكالة لم يغطى بعد، وأن المؤسسة "لم تُغلق أيا من مؤسساتها حتى الآن، ولم تتخذ قرارات بذلك، لكن إذا لم تُقدم الدول مساعداتها قد تضطر الوكالة لاتخاذ قرارات صعبة في هذا المجال".

وبيّن أن الوكالة فقدت 300 مليون دولار من الدعم الأمريكي، وكان من المفترض أن نتسلم 350 مليون دولار، لكننا تسلمنا 60 مليون دولار فقط".