تُكثف سلطات الاحتلال في مدن الضفة الغربية المحتلة، من إجراءات التضييق على الفلسطينيين ومقدراتهم، إذ برزت أخيرًا سياسة مصادرة الأموال الشخصية للمواطنين، كأسلوب مستجد بعدما كان يمارس سابقًا بحق الجمعيات الخيرية.
ووثقت مؤسسات حقوقية مئات الحالات تمت خلالها مصادرة مئات آلاف الشواقل من منازل فلسطينيي الضفة في أثناء عمليات الدهم والتفتيش بزعم توظيف تلك الأموال لدعم قوى وعناصر المقاومة.
ووفقًا لتقارير حقوقية فإن كثيرًا من هذه الأموال يعود فعليًا لعائلات أسرى في سجون الاحتلال وشهداء، وأسرى محررون، ونواب في المجلس التشريعي، ورجال إصلاح، وقيادات مجتمعية.
النائب في المجلس التشريعي عن مدينة بيت لحم خالد طافش، والذي صودرت أموال خاصة به من منزله الخميس الماضي، أكد أن مصادرة أموال المواطنين في الضفة باتت سياسة متبعة وممنهجة دون أي رادع.
وأضاف طافش لـ"فلسطين": "لا تمضي ليلة ولا تطلع شمس في مدن وقرى الضفة الغربية كاملة، إلا وتنفذ دولة الاحتلال سياسة الاقتحام، والاعتقال، ومصادرة أموال، تحت حجة ومصطلح أموال الإرهاب".
ووصف تلك الحجج بأنها "واهية وكاذبة"، متسائلًا عن الأثر الذي من الممكن أن تفعله الأموال الخاصة التي صودرت من منزله وهي لا تتعدى 1800 شيقل في أي شأن من الحياة.
وشدد طافش على أن تلك السياسة الممنهجة تكشف عن حقيقة وجه الاحتلال في محاربة الأهالي والمواطنين بلقمة عيشهم، منبّهًا إلى أن هذا الإجراء يصحبه تهديد ووعيد للأهالي حتى يبقى من تُسرق وتُصادر أموالهم صامتين.
ذرائع غير قانونية
بدوره بين مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، أن ذريعة الاحتلال جاهزة دائمًا إزاء كل عملية مصادرة للأموال والممتلكات الفلسطينية، وهي علاقة هذه المصادرات بالتنظيمات الفلسطينية، وربطها بـ"الإرهاب".
وقال دويك لصحيفة "فلسطين"، ما يجري فعليًا هي سرقة واضحة لأموال الفلسطينيين، وتحت قوة السلاح والترهيب، لافتًا إلى أن قوات الاحتلال لا تعطي من تسرق وتصادر أمواله أي ورقة أو أمل في استرجاعها، إلا في استثناءات قليلة.
من جانبه أكد عثمان الحمد الله محامي مركز القدس للمساعدة القانونية، الموكل بمتابعة قضايا بعض الحالات المصادر أموالها، أن سياسة مصادرة الأموال من بيوت المواطنين في أثناء عمليات الاقتحام تجري دون أي سند قانوني، فيما يتخللها استثناءات معدودة يجري فيها تسليم من تصادر أمواله أوراقًا للبحث قانونيًا في إمكانية استردادها في حال ثبت عكس ادعائهم.
وقال الحمد الله لصحيفة "فلسطين"، المبرر لدى الاحتلال غالبا ما يكون جاهزا يدرج المصادرات في إطار الأمن، أو ما يعرف بـ"الإرهاب" أو العلاقة بتنظيم "غير مشروع"، مؤكدا أن عمليات مصادرة الأموال انتهاك للملكية الخاصة، وانتهاك لحقوق المواطنين والإجراءات القانونية وقوانين وأنظمة حقوق الإنسان.
ولفت لمتابعته قضية لأحد المواطنين صادر منه الاحتلال نحو 1200 شيقل وهو مبلغ زهيد يدحض أي ادعاءات للاحتلال بإمكانية توظيفه لأعمال ذات صلة بالمقاومة.
وأوضح الحمد الله أن سلطات الاحتلال تفرض على الفلسطينيين أن يثبتوا قانونية الأموال والممتلكات التي بحوزتهم، بينما تعفي أجهزة الاحتلال من إثبات مزاعمها حول مصير تلك الأموال، وهو ما يتيح المجال للإبقاء على مصادرة الأموال بشكل مستمر.
وعدّ مصادرة الأموال، شكلًا من أشكال العقوبات للمواطنين الفلسطينيين بالضفة، إلى جانب كونها سياسات ذات أبعاد اقتصادية مؤثرة على واقع الحياة مستقبلًا.
ونبه الحمد الله إلى أن مركز القدس والمؤسسات الحقوقية ترصد العديد من الشكاوى في هذا الصدد، غير أنه غالبًا ما يكون المجال مقفلًا إسرائيليًا لإمكانية استردادها، أو تجري مماطلة وتحتاج لوقت طويل في إمكانية استردادها.

