خلال زيارته لافتتاح أحد المشاريع الدولية في قطاع غزة، انفجرت عبوة ناسفة على جانب الطريق الذي يسير عليه موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله. أسفر الانفجار عن أضرار مادية وبعض الإصابات الطفيفة والتي عولجت برام الله بعد عودة الوفد فور انتهاء افتتاح مشروع الصرف الصحي بغزة.
منذ اللحظة الأولى للانفجار صدر بيان عن الرئاسة يحمل حركة حماس المسئولية عن التفجير، بدورها حماس أدانت التفجير ورفضت الاتهامات الموجهة إليها من قبل فتح والسلطة.
لماذا التفجير الآن...؟ ومن المستهدف الحقيقي من التفجير...؟ وما هي السيناريوهات المحتملة لمن يقف خلف التفجير..؟
دلالات توقيت التفجير مهمة، يأتي التفجير قبل أيام من مسيرة العودة، وقبل عقد جلسة المجلس الوطني في 30/4/2018، وهذا يطرح تساؤل هل ثمة قرارات كبرى سيتخذها المجلس الوطني بحاجة لحدث كبير لدفع الأطراف كافة للقبول به..؟ يبقى هذا التساؤل معلقاً لحين انتهاء التحقيق وكذلك حين انتهاء أعمال المجلس الوطني مطلع الشهر المقبل. يأتي التفجير أيضاً متزامناً مع مؤتمر واشنطن (جلسة العصف الفكري) لإغاثة غزة، والتي تمهد لتمرير صفقة القرن، وإنهاء وجود "أونروا"، إضافة إلى الجولات المكوكية للوفد الأمني المصري بين غزة ورام الله واللقاءات المكثفة التي يجريها اللواء سامح نبيل لإحداث اختراق في ملف المصالحة.
إن استهداف موكب الحمد الله هو استهداف للمشروع الوطني ككل وليس المصالحة فقط، وعليه مواجهة هذا الانفجار تبدأ أولاً بالكشف عن من يقف خلفه، ومحاكمته ثم الاستمرار في مسيرة المصالحة وتسريع وتيرتها.
هناك قاعدة تقول إذا أردت أن تفكك لغزاً لأي جريمة ابدأ بالبحث عن المستفيد الحقيقي، وأكبر مستفيد من الجريمة هي (إسرائيل)، كيف لا وهي تراقب المنطقة أمنياً من خلال المناطيد وطائرات الاستطلاع والأقمار الاصطناعية، وتستطيع أن تبث فيديو لمن قام بالعملية لو أرادت ذلك.
سأضع بين يدي الرأي العام كافة السناريوهات المحتملة لمن يقف خلف الجريمة النكراء وعلى وزارة الداخلية التحقيق والكشف عن الجاني:
1. الاحتلال والولايات المتحدة: يتزامن عقد مؤتمر واشنطن لإغاثة غزة مع يوم تفجير الموكب، وهو مقدمة لتمرير صفقة القرن التي تسير بخطى متسارعة،وعليه ضرب العلاقة بين فتح وحماس سيدفع الأولى بتشديد العقوبات، والثانية بالذهاب نحو مسار واشنطن والقبول والاذعان لصفقة القرن وفق رؤية المخطط. أما (إسرائيل) فهي تريد اطالة أمد الانقسام وخلط الأوراق واشغال الساحة قبل مسيرة العودة.
2. مجموعة منفلتة من حماس أو من غيرها تأثرت بحرب الشائعات لتي تتحدث عن تسريح العسكريين، أو لأنها غاضبة من سياسات الحمد الله تجاه غزة.
3. السلطة الفلسطينية للتهرب من المصالحة وبذلك صنعت مسرحية لتوظيفها لقلب الحقائق، واستثمارها وتوظيفها في مسائل أخرى.
4. مجموعة من الشعب الفلسطيني لها أجندات خاصة داخلية أو خارجية وليس من مصلحتها إنجاز المصالحة.
الخلاصة: أبسط تعريف للقنبلة التي وضعت لموكب الحمد الله، أنها قنبلة ذات بعد سياسي، تهدف بالدرجة الأولى لإفشال المصالحة وعزل قطاع غزة وتصويره وكأنه كيان إرهابي، وزيادة الفجوة وأزمة الثقة بين فتح وحماس، وعليه فإن الساحة الآن تتسع للحكماء لتطويق الحادث والتوقف عن الاتهامات دون أدلة وشواهد وبراهين، والعمل بشكل شفاف على تشكيل لجنة تحقيق للكشف عن الجناة، وممارسة الضغط على الاحتلال لتزويد تلك اللجنة بفيديوهات حقيقية للمنفذين، وفي حال رفض الاحتلال، سيزول الستار عن المجرم الحقيقي.