موسيقى صاخبة تقتل وقار المدينة وهدوءها، وأضواء مختلفة ألوانها تشوه حجارة أسوارها، ومئات المشاركين يدنسون طُهر شوارعها بتمايلهم في زقاق بلدتها القديمة.
"أنغام القديمة"، هو مهرجان تهويدي يقام للعام السادس على التوالي برعاية بلدية الاحتلال وبالتعاون مع ما تسمى "سلطة تطوير القدس" و"مكتب القدس للتراث" وعدد آخر من المؤسسات والشخصيات الإسرائيلية، تتركز فعاليات المهرجان في محيط باب الخليل وعلى بُعد مئات الأمتار القليلة عن المسجد الأقصى المبارك.
رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، قال إن الاحتلال يسعى جاهداً لفرض الصورة اليهودية على مدينة القدس المحتلة من خلال عشرات الفعاليات التي يقوم بها في المدينة، والتي يعتبر مهرجان "أنغام القديمة" أحد الأساليب المستخدمة في هذا التهويد.
وأوضح لصحيفة "فلسطين" أن المهرجان تمتد فعالياته على مدار ثلاثة أيام ويتنقل من منطقة إلى أخرى داخل بلدة القدس القديمة بمشاركة عشرات الفرق الموسيقية اليهودية والعالمية، ويغلق الاحتلال خلاله البلدة القديمة أمام حركة المركبات، ويكثف من تواجد قواته في موقع الاحتفال.
وتهدف بلدية الاحتلال، بحسب الهدمي، من خلال المهرجان إلى نزع القدسية عن مدينة القدس ومحيط المسجد الأقصى من خلال البرامج الغنائية التي تعرضها بشكل أضواء على سور القدس خلف الفرق الغنائية، معتبراً جميع الفعاليات التي تقوم بها بلدية الاحتلال "مجرد محاولات لتزيف التاريخ وخلق واقع جديد في المدينة".
وعدّ المهرجان مقدمة لعشرات المهرجانات التي ستقام خلال الأشهر القادمة ضمن برنامج تهويدي تطلق عليه بلدية الاحتلال اسم "ربيع القدس"، مشيراً إلى المارثون التهويدي الذي أقامه الاحتلال قبل أيام في المدينة ضمن نفس البرنامج التهويدي ولذات الأسباب.
الفعاليات المضادة
من جهته، بيّن الناشط في البلدة القديمة إيهاب زغير إلى أن فعاليات المهرجان التي بدأت مساء الإثنين ستتوزع على العديد من مناطق البلدة القديمة بالقدس، حيث أقيمت منصات في مواقع مختلفة منها بابا الخليل والجديد، وفي حي الشرف ومغارة الكتان الملاصقة لباب العامود.
ولفت زغير إلى ما يسببه المهرجان وغيره من المهرجانات من تضييق لمناحي الحياة اليومية في البلدة القديمة، لما يرافقها من حواجز لجيش الاحتلال على مداخل البلدة القديمة، وتشديد إجراءات التفتيش لمواطني البلدة والوافدين إليها.
وقال: "في كل عام وخلال المهرجان تتحول شوارع القدس إلى ساحات رقص ومنصات تهريج تنتهك حرمة المدينة، كما أن انعكاس الألوان على حجارة سور القدس الأثرية يشكل استفزازا للمقدسيين".
وأشار الناشط المقدسي إلى أن المؤسسات المقدسية والفلسطينية حاولت مرات عدة الوقوف في وجه المهرجان وإقامة فعاليات مضادة إلا أن سلطات الاحتلال قمعت جميع النشاطات واعتقلت القائمين عليها.
كسر أهدافه
بدوره، قال رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، إن بلدية الاحتلال تعمل على جذب السيّاح إلى أماكن تراثية مثل البلدة القديمة ومحيطها؛ لأنّها تعلم تماماً أن هؤلاء يحبّون التجوال في مثل هذه المناطق الأثرية التي تفتقر بلادهم إليها، وبالتالي تعمل البلدية على تهويد وطمس الآثار الإسلامية والمسيحية في البلدة وإخراجها بطابع تهويدي بحت.
وشدد على حُرمة المشاركة في الفعاليات والمهرجانات التي تقيمها بلدية الاحتلال في المدينة بشكل سنوي لأسباب عدة أبرزها هو المشاركة في تهويد القدس وتحريف التاريخ ونزع صبغة المدينة الإسلامية.
وطالب الشيخ صبري بتكثيف التواجد الفلسطيني في البلدة القديمة خلال أيام المهرجان لكسر أهداف الاحتلال وأطماعه في المدينة، مؤكداً على ضرورة بذل الجهد من أجل إحياء البلدة القديمة التي تهوّد بشكل لافت، "فبدلاً من التسوّق من المجمّعات التجارية الإسرائيلية والتنزه في المنتزهات التهويدية، فلتتوجه العائلات المقدسية للبلدة القديمة وتتسوق منها، وتتنزه في المسجد الأقصى المبارك".