يولد الطفل صفحة بيضاء، وتتولى الأسرة، بالدرجة الأولى، عملية التربية، بحيث يكتسب الأطفال المهارات والأفكار والعادات الإيجابية، ولا بد للوالدين أن يستحضرا فكرة أن التربية أمانة ملقاة على عاتقهما، ولا شك أن أغلب الآباء يتمنون أن يلتزم أبناؤهم بما يمليه عليهم دينهم، ومن ذلك الصلاة، التي تكون من أول ما يتعلمه الطفل عندما يقلد حركاتها بناء على رؤيته لأبويه أثناء أدائهما للصلاة، فهما القدوة التي تكون سببا في تعلمه لمعظم ما يفعله طوال حياته، ولكن هذه القدوة قد لا تكفي لالتزام الابن بأداء الصلاة عندما يكبر، ولذا تقدم "فلسطين" نصائح عملية لتعويد الطفل على هذه الفريضة..
حبًا لا خوفًا
قال الأخصائي الاجتماعي الدكتور إياد الشوربجي: "على الآباء والأمهات أن يربوا أطفالهم منذ نعومة أظفارهم على كيفية أداء العبادات، ومنها الصلاة، ومن ذلك تعريفهم بمواعيد الصلاة، وتعزيزهم عند أدائها بالهدايا".
وأضاف لـ"فلسطين": "يجب أن يعتمد الوالدان في تربية أبنائهما على تنمية الرقابة الذاتية عند الأطفال، وبذلك فإن الابن حتى لو غاب عن نظره أبويه، فهو يؤدي العبادات ليس خوفاً من الأب والأم وإنما من منطلق الحب والتعظيم والرغبة في نيل الرضا من الله تعالى".
وأكد الشوربجي على ضرورة تعريف الأهل للطفل بأهمية الصلاة وقيمتها وأحكامها والوضوء لها وكيفية أدائها بشكل صحيح، وأن يحدّثوه عن ذلك باستمرار، مشددا على أهمية أن يعطي الوالدين قيمة كبيرة للصلاة وأن يؤدياها في أوقاتها.
وأوضح: "كذلك يمكن للآباء أو الأمهات المداومة على عقد درس علمي، في المنزل، بشكل أسبوعي عن فضل الصلاة وأهميتها وتكليف أحد الأطفال بالحديث عن الأمر، مع مكافئة الأطفال باستمرار على الالتزام بالصلاة وأن تكون المكافأة فورية، يحصل عليها الطفل إذا التزم بأداء الصلوات الخمس يحصل على مكافأة مادية أو معنوية".
وأشار إلى أنه في حالة التقصير، يمكن حرمان الطفل من المكافأة، مع الحفاظ على اللين في نصحه.
وأوضح الشوربجي أن من الضروري تشجيع الطفل على التوجه للمسجد لأداء الصلوات فيه لا في البيت، مع بيان عظم الأجر الذي يحصل عليه في صلاة الجماعة، إلى جانب إشراكه في أنشطة المسجد وربطه بحلقات التحفيظ باعتبارها من الوسائل المهمة في التربية الأخلاقية والإيمانية.
وبين: "يمكن تعليق لوحة في البيت، يُكتب عليها جميع الآداب التي يجب على الطفل القيام بها وأن توضع علامة صح أو نجمة أمام كل واجب تم الالتزام به، مع الحرص على مكافأة في حالة الملتزم بجميع الواجبات".
وضرب أمثلة على الآداب التي يمكن أن تشملها اللوحة: "آداب الصلاة، وأدائها في المسجد، والنوم، والطعام، وغسل الأسنان، ومساعدة الأم في ترتيب المنزل".
الإيحاء الايجابي
وقال الشوربجي: "من الجيد استخدام أسلوب الإيحاء الإيجابي، كأن يقول الأبوان للطفل: (بالتأكيد أنت سعيد اليوم لأنك صليت)، وإشعاره أن الحياة أصبحت مشرقة لأنه أصبح ملتزمًا بالصلاة".
وأضاف: "كذلك يمكن مخاطبة أعماق الطفل ومشاعره، وذلك بترديد عبارات مثل: (أنا أحبك كثيراً وأخاف عليك من النار)، و(يجب أن ترى نعيم الجنة التي يوجد فيها الكثير من الأشياء الجميلة)، مع ذكر قيمة النعم التي منّ الله علينا بها كالبصر والسمع أو المشي، ومخاطبته (تخيل أنك لو فقدت شيئا منها)".
وأكد على أهمية ربط الأشياء التي يحبها الطفل بالجنة، التي يوجد فيها كميات كبيرة مما يحبه، وبالطبع فإن دخول الجنة والحصول على هذه الأشياء يستوجب أداء الصلاة.
ومن مقترحاته أيضا لتعويد الطفل على الصلاة، إعطاؤه الطفل أشياء ذات علاقة بهذه الفريضةـ كسجادة صلاة صغيرة أو مصحف صغير، وكذلك استخدام أسلوب القصص، بحيث تُروى له قصص تحمل في معانيها الترغيب والترهيب فيما يتعلق بالصلاة.
ونوه إلى ضرورة أن لا يتعارض وقت تناول الطعام مع وقت الصلاة، مؤكداً على أهمية اختيار الصحبة الصالحة للطفل التي تعينه على الصلاة.
وقال: "لا بد من تعليم الطفل الخشوع في الصلاة، وربط الصلاة بالأخلاق والمعاملة الحسنة مع الآخرين".
ونبّه الشوربجي إلى أنه في حال الخروج من المنزل لا بد من تذكير الأطفال بأداء الصلاة.