يكاد لا يمر يوم على فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة، دون أن يُطل نشطاء منصات التواصل الاجتماعي لمواجهة الأحداث من خلف شاشاتهم الزرقاء، التي أصبحت باباً لإشباع الهوى والتشهير بأفراد المجتمع، ووسيلة للتعدي على خصوصيات الآخرين، والعمل على خلق أزمة أخبار أو إشاعات مصدرها مجهول.
فالناشط الإعلامي على مواقع التواصل لا بد أن يتحلى بالأخلاق والمبادئ والقيم وأن يراعي المهنية من خلال تأدية واجباته تجاه هذه المهنة وأن يتحلى بالمسؤولية الاجتماعية وأن يبتعد عن نشر الأخبار الملفقة والمهولة.
ولكن انقسم النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى فريقين فمنهم من نفع المجتمع من خلال منصة التواصل الخاصة به ومنهم ومن نشر الشحناء والبغضاء بين أفراد المجتمع الواحد، فالفريق الأول ظهر الآونة الأخيرة في قطاع غزة والذي يعاني الحصار منذُ اثنتي عشر عاما، بنشر مناشدات لمساعدة المحتاجين من الناس عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، كونها ذات تأثير في المجتمع ولديهم متابعون من جميع الفئات والطبقات المجتمعية من أفراد ومؤسسات.
فعندما تصبح منصة التواصل وسيلة لسد احتياجات المحتاجين من المجتمع، انطلقت حملة "سامح تؤجر" في بداية العام الجاري، فلاقت صدى كبيرا على منصات التواصل المختلفة لعل أبرزها " فيسبوك، توتير"، استمرت بجهود شبابية في كافة محافظات القطاع ولكن في محافظة رفح لعل المشهد يختلف عن أي محافظة أخرى، فمجموعة شبان من فصائل مختلفة يعتبرون من النشطاء البارزين على منصات التواصل الاجتماعي، أخذوا على عاتقهم نشر معاناة الناس الحقيقية على منصاتهم الخاصة من دون تهويل أو اختلاق والمحاولة في إيجاد حلول لاحتياجاتهم، من باب الاستشعار بالغير ووفق المسؤولية المجتمعية التي يشعرون بها، فمثل هذه الخطوات التي تعمل على تعزيز صمود الأسرة الفلسطينية في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها السكان، ولكنها ليست حلًا نهائيا بقدر ما تكون "إبر بنج" مسكنة لحالة الفقر المنتشرة في القطاع، وهم يقومون بهذا العمل من أجل خدمة الناس وتحصيل الأجر من الله.
أما الفريق الثاني الذي عمل على بث الإشاعات والصحافة الصفراء التي لا هدف لها سوى التأثير على الروح المعنوية وإحداث البلبلة وزرع بذور الشك بين فئات المجتمع، لأنها تلعب على وتر تطلع الجمهور لمعرفة الأخبار في محاولة لإحداث التأثير المستهدف لمروجيها خاصة في أوقات الأزمات، ويتنوع طابع الشائعات، وقد تكون ذات طابع عسكري أو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي.
فالإشاعة في المجتمع الفلسطيني سببت الحقد والبغضاء بين ناشري الإشاعات والشخص الملفق له التهمة أو المؤسسة التي تنشر سموم الأخبار من مصادر مجهولة، وعملت على تفكيك النسيج الاجتماعي، وزعزعة الاستقرار الداخلي، خاصة إذا استهدفت هذه الشائعات رموزا أو قيادات داخل المجتمع، أو قضايا تتعلق بالأمن المجتمعي للمواطنين، فإنه سيستمر تأثير الشائعة إن لم يوجد لها حل جذري، خصوصاً ونحن في زمن السرعة والتطور التكنولوجي.
فلماذا لا يتم مواجهة تلك الظاهرة من جديد وتفعيل القانون للحد منها، والتي تعتبر إحدى الجرائم الإلكترونية، والعمل على تحقيق الردع وإيقاع العقوبات الحازمة لمرتكبيها، ففي تاريخ 27 إبريل 2017م أطلقت وزارة الداخليةفي قطاع غزة حملة ضد مروجي الشائعات والأخبار الكاذبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي نتج على إثرها اعتقال 17 من مرتكبي هذه الجريمة، فضلاً عن إغلاق صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل، أيضاً في ذات الوقت لابد من تفعيل أنشطة توعوية هدفها إيضاح أسباب ومخاطر هذا الجريمة، وأيضاً العمل على تنمية كوادر بشرية لمكافحتها.
فإلى متى سنبقى ضحية إشاعة مصدرها مجهول؟؟