الجيش الأمريكي يشارك الجيش الإسرائيلي مناورات عسكرية بكلّ الأسلحة على حدود قطاع غزة، وهذا يعني أن غزة قوة عظمى، لا يقدر الجيش الإسرائيلي بمفرده أن يواجه رجال غزة، فاستعان بالجيش الأمريكي، في رسالة مطمئنة للمجتمع الإسرائيلي أن أمريكا معكم، فلا تخافوا من رجال غزة أيها اليهود، لستم وحدكم في المعركة، وإنما الجيش الأمريكي بعظمته وقدرته وقوته وأسلحته النووية يقف من خلفكم، ولن يترككم أنتم وجيشكم الإسرائيلي فريسة لرجال المقاومة.
هكذا أفهم مشاركة الجيش الأمريكي للجيش الإسرائيلي في المناورات الكبرى التي تجري بين الجيشين، والتي تستمر حتى منتصف الشهر الجاري، وتتضمن التدرب على استخدام منظومات الدفاع الجوي "حيتس" و"القبة الحديدية" و"مقلاع داود" و"باتريوت" ويشارك فيها 4500 جندي من الجيشين بزيادة كبيرة مقارنة بالمناورات "الإسرائيلية" الأمريكية التي جرت في 2016، والتي شارك فيها نحو 3200 فقط.
المناورات التي تجري هي مناورات دفاعية، وليست مناورات هجومية، وكما قال "قائد الدفاعات الأرضية الإسرائيلية" تسفيكا حيموفيتش: إن المناورات تحاكي سيناريوهات مركبة وملائمة للواقع المتغير الذي يتبلور في هذه الأيام، "وللمرة الأولى ستأخذ هذه المناورات بعين الاعتبار كل التهديدات القريبة والبعيدة".
أما القيادة في هذه المناورات العسكرية فإنها ستكون للجيش الإسرائيلي، وسيتلقى الجيش الأمريكي التعليمات التي ستختبر سرعة انتشار القوات الأمريكية على الأرض، وملاءمة منظومات الدفاع المختلفة مع أنظمة الرادار والإنذار المبكر، وهذا ما أكده الجنرال الأميركي ريتشارد كلارك، حين قال: إن الهدف الأساسي للتدريب "هو أن نكون متأهبين لليوم الذي سنواجه فيه تهديدا أو أي حالة طارئة".
هذه التصريحات تعكس جدية المواجهة القادمة، والتي لن تقف عند حدود قطاع غزة، ولن تكون حصرية بين الجيش الإسرائيلي ورجال المقاومة كما جرى في السابق، الحرب هذه المرة ستأخذ بعدًا إقليميًا، وربما سيكون لها امتدادات دولية، طالما زج الجيش الأمريكي بقدراته على أرض المعركة، وأعلن بوضوح على لسان قائده بأن "دولتنا وقيادتنا ملتزمة بأمن (إسرائيل)، وعندما تطلبنا الحكومة الإسرائيلية سنكون جاهزين للوصول إلى هنا".
ومن واقع التجربة التي عشناها في الحروب السابقة على غزة، ومن خلال المراقبة الجيدة للأحداث، يمكنني الجزم بأن الجيش الأمريكي لن يضيف إلى ساحة المعركة جديدًا، فهو لا يمتلك تقنيات عسكرية غير موجودة لدى جيش الصهاينة، وهو لا يمتلك طاقة تسليحية وعددية يفتقر إليها الصهاينة، وهو لا يمتلك قوة عقائدية يتأبط شرها جيش الصهاينة، لذلك فإن الجيش الأمريكي سيكتوي بصمود غزة، وسيتهشم على قوة وعزم مقاومتها، وسينكسر أما صلابة رجالها، والتفاف الأمة العربية والإسلامية من خلفها، وكما خسر الجيش الإسرائيلي هيبته على بوابات غزة، سيخسر الجيش الأمريكي مكانته وسمعته وجبروته في دهاليز غزة ومخيماتها.