"نحن نُعاقَب.. نعم، هذه سياسة تفرقة عنصرية"؛ لسان حال موظفة في كادر الطيران المدني في قطاع غزة مُحالة للتقاعد المبكر، بعد 11 سنة من التزام موظفي السلطة بأوامر الأخيرة الاستنكاف عن العمل في جميع الوزارات والسلطات لا سيما الخدماتية منها.
أمام مقر "الخطوط الجوية الفلسطينية" في مدينة غزة، تجمع أمس، عشرات الموظفين الذين أحالتهم السلطة إلى التقاعد المبكر، رافعين لافتات "المطار حلم كل فلسطين"، "لا للتقاعد المبكر"، "الرجوع عن القرار مصلحة وطنية".
وردًا على سؤال صحيفة "فلسطين"، بشأن الاعتصام، قالت الموظفة في الطيران المدني الفلسطيني، سالي عليان، إنه "احتجاج وتظلم ضد القرار الجائر بالتقاعد القسري"، بحق موظفي كادر الطيران المدني.
وأضافت عليان: "المشكلة التي تحدث معنا مشكلة التمييز الجغرافي، نحن نُعاقَب في قطاع غزة بالمجمل العام بحكم الوضع الجغرافي، أنا ما ذنبي؟ أنتقل للضفة حتى آخذ حقوقي؟".
وعما إذا كانت السلطة تمارس التفرقة العنصرية، أجابت: "الموجود على أرض الواقع، أقول: نعم"، متابعة: "لا يجوز بأي حال من الأحوال عمل إجراءات ترسخ للانقسام والانفصال".
وتفاجأ هؤلاء الموظفون منذ شهر بقرار إحالتهم للتقاعد المبكر، بحسب عليان، التي أوضحت أنهم لم يحصلوا على علاوات الدرجة والترقيات منذ سنوات، عدا عن عدم وجود هيكلية يتم تسكين الموظفين وفقها.
واشتكت عليان تقاضيها راتبًا "متدنيًا جدًا"، متسائلة عما سيكون عليه الوضع بعد التقاعد المبكر القسري.
طمس للسيادة
من جهته، عدَّ مدير عام الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في سلطة الطيران المدني، صبري أبو سبت، قرارات الإحالة للتقاعد المبكر القسري بأنها طمس لما تبقى من "هذا الرمز للسيادة الوطنية" في إشارة لمطار غزة الدولي الذي دمره الاحتلال.
وطالب أبو سبت في كلمة ألقاها خلال الاعتصام، عباس ورئيس حكومته رامي الحمد الله وكل وزرائه بالعدول عن "هذا القرار الجائر"، قائلا: "لنا حقوق سابقة لم نحصل عليها".
وقال إنه لم تتم هيكلة موظفي سلطة الطيران وتسكينهم حتى اللحظة، مضيفا أن هؤلاء الموظفين التزموا بأوامر السلطة في رام الله.
من جانبه، طالب الموظف المحال للتقاعد المبكر رائد الهمص، رئيس السلطة محمود عباس بعمل "هيكلة" له ولزملائه كباقي الوزارات، مبنيا أن المطار "رمز من رموز السيادة، كان حلمًا لجميع الفلسطينيين، وكان العلم الفلسطيني يتجول بين أنحاء العالم".
لماذا يتخذ عباس هذا الإجراء بحقكم؟ أجاب الهمص، وهو عضو مجلس إدارة في نقابة الطيران، في حديث لصحيفة "فلسطين": "عقوبات على غزة"، موضحًا أن ذلك رغم التزامه بأوامر السلطة في رام الله منذ أكثر من 11 سنة.
وأضاف: "هذه تفرقة بين الضفة وغزة.. نحن في النهاية شعب واحد"، مشيرًا إلى أنه موظف منذ 1998 ولم يحصل على علاوة درجة.
قضية وطنية
في غضون ذلك، دعا نقيب موظفي سلطة الطيران المدني أسامة صيدم، عباس إلى الرجوع عن قرار الإحالة للتقاعد القسري.
وقال صيدم لصحيفة "فلسطين"، إن القرار "للأسف الشديد" ينم عن "جهل" لطبيعة المؤسسة، معتبرًا أن المطار "قضية وطنية" وأحد أعمدة "الدولة"، مضيفًا أن التخلص من الكادر القادر على تشغيل المطار، هو "تخلص من الحلم نفسه".
وأوضح أنه بدلًا من إحالة هؤلاء الموظفين للتقاعد القسري، كان يتوجب تأهيل الكادر بشكل دوري؛ لأنه إنْ لم يؤهل سيفقد رخصة مزاولة المهنة.
وحذّر من أن القرارات المتخذة بحق موظفي "الطيران" تنذر "بمصيبة وكارثة إنسانية"، نظرًا لتبعاتها على رواتبهم، مشيرًا أنه من غير المفهوم على أي أساس تم اتخاذ قرارات التقاعد المبكر.
في السياق، قال نقيب موظفي السلطة عارف أبو جراد، إن نحو 500 موظف تابعين للخطوط الجوية الفلسطينية وسلطة الطيران، تمت إحالتهم للتقاعد المبكر الشهر الماضي.
وأضاف أبو جراد لصحيفة "فلسطين"، إن رواتب هؤلاء الموظفين مجمدة إلى حين استكمال إجراءاتهم في هيئة التأمين والمعاشات، متممًا بأن هذه القرارات تأتي ضمن "إجراءات عقابية على قطاع غزة".
وبموجب هذه الإجراءات، تخصم السلطة ما يتراوح بين 30% و40% من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة الغربية، في ظل تفاقم أزمة الكهرباء، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والوقود، وشبح الإضرابات المتكررة لشركات النظافة في المستشفيات.

