فلسطين أون لاين

​السفارة الأمريكية في القدس.. نكبة جديدة بفارق70 عامًا

...
مبنى السفارة الأمريكية في القدس
القدس المحتلة - بيان راغب

لم تكتفِ الولايات المتحدة الأمريكية بإعلانها مدينة القدس عاصمة لـ(إسرائيل) بل تسعى جاهدة لصب الزيت على النار لإشعال الأراضي الفلسطينية المحتلة بقرارها المشؤوم، حين أعلنت اعتزامها نقل سفارتها في ذكرى النكبة منتصف آذار/مايو المقبل.

ومؤخرًا قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن عملية نقل سفارة واشنطن من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة ستجري بحلول يوم الرابع عشر من مايو/أيار المقبل، الذي يصادف الذكرى السبعين للنكبة.

عقاب أمريكي

ويرى الناشط المقدسي، كامل أبو اشتيّ، أن مسارعة الإدارة الأمريكية من أجل نقل سفارتها إلى مدينة القدس هي "لعبة سياسية" من أجل إعطاء رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو دفعة في ظل التحقيقات والاتهامات العديدة التي يواجهها بالفساد.

وقال أبو اشتيّ في تصريحات لـ"فلسطين": "ليس من مصلحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إزاحة نتنياهو عن منصبه في الوقت الحاليّ لأن صفقة القرن التي ترسم لها أمريكا لا يمكن أن تتم إلا بوجود نتنياهو في الحكم".

"ولكن ليس بقاء نتنياهو في الحكم هو السبب الوحيد للتسريع من نقل السفارة، بل إن التعاون الأمريكي – الإسرائيلي في معاقبة الفلسطينيين هو سبب مباشر آخر، بحسب أبو اشتيّ ، فالاستعجال في نقل السفارة هو عقاب للفلسطينيين بسبب موجة الغضب التي لم تهدأ رغم محاولة امتصاصها منذ إعلان ترامب في كانون الثاني من العام المنصرم.

ولفت أبو اشتيّ إلى أن الادارة الأمريكية حاولت جاهدة امتصاص الغضب الفلسطيني من خلال قولها بأن النقل سيستغرق عدة سنوات ولكنها لم تنجح بالامتصاص، فلجأت إلى العقاب بتسريع النقل.

ويشير إلى أن الخوف الأمريكي من إنشاء مبنى خاص للسفارة في القدس قد يكون غير ممكن في ظل موجة الغضب التي تعّم الأراضي الفلسطينية، هو ما جعلهم يُعجلون في نقل السفارة إلى موقع مؤقت أقرب إلى باب العامود – موقع القنصلية الأمريكية حالياً – وبذلك يجسون نبض الشارع ويراقبون تصرفاته وعلى ذلك يقررون الموقع الدائم للسفارة.

ويضيف أبو اشتيّ: "نحن شعب يحيي ذكرى نكبته بالحجارة والإطارات المشتعلة، واختيار ذات اليوم لنقل السفارة سيزيد من قوة الحجارة وحدتها، فهذا أسوء توقيت تختاره أمريكا".

غطرسة أمريكية

من جهته، اعتبر المتابع للشأن المقدسي، عنان نجيب، أن اختيار أمريكا تاريخ النكبة الفلسطينية لنقل سفارتها إلى القدس هو مجرد غطرسة وفرض سيطرة وتبيان بأنهم يملكون القوة بالدهس على جراح الشعب الفلسطيني.

وأضاف نجيب لـ"فلسطين": "يعتقد ترامب أن القضية الفلسطينية تشبه حلبة المصارعة ومن يدوس الآخر أكثر ويوجه له لكمات يفوز بذلك، ولكنه لا يعلم أنه على مدار سنين طويلة لم يستطع أحد أن يُسقط الشعب الفلسطيني ويجرده من خياراته، فالقانون الذي يحكم القضية الفلسطينية عامة والقدس خاصة يختلف تماماً عن القانون الذي يحكم حلبة المصارعة التي خرج منها ترامب".

ورأى أن على الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية مراجعة قرارهما بنقل السفارة إلى القدس، محذراً من محاولة اختبار الشعب الفلسطيني الذي شهد نكبة ونكسة وخاض انتفاضتين ويقود اليوم الثالثة.

وعن موقع السفارة الجديد، قال نجيب: "أكبر خطأ قد ترتكبه الولايات المتحدة هو نقل سفارتها إلى شارع نابلس في القدس بدلاً من قنصليتها، فهم يعلمون كم مرة أحرق مكتب القنصلية وحطمت أجهزته وتمت مداهمته من الشباب المقدسي، وبالتالي عليهم التفكير ملياً قبل اختيار موقع سفارتهم".

وبين أن الموقع الدائم للسفارة قد يكون قرب مستوطنة "نوف تسيون" القريبة من جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، حيث كانت السفارة الأمريكية قديماً، ولكن الأمر هناك يحتاج إلى مبالغ ضخمة من أجل إنهاء المبنى وتأمينه وأيضاً لا يعتبره الاحتلال آمناً بسبب قربه من قرى عربية.

ولفت نجيب إلى أن نقل السفارة الأمريكية في ذات تاريخ النكبة الفلسطينية قد يحول الأمر إلى نكبة إسرائيلية أو أمريكية، فالغضب الفلسطيني لا يمكن إيقافه أو السيطرة عليه ولا يجب التهاون به".

دعم ماليّ

من جهته، رأى المتابع للشؤون العبرية رامي الصالحي، أن تقدم عشرات الداعمين بعطاءات لأجل تقديم الدعم الماليّ اللازم لنقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى القدس قد يكون أحد الأسباب التي جعلت الإدارة الأمريكية تُسرع من نقل سفارتها.

وقال الصالحي لـ"فلسطين"، إن عطاءات بمليارات الدولارات تم تقديمها لمكتب السفارة الأمريكية في (تل أبيب) وأيضا في البيت الأبيض الأمريكي لدعم النقل، ويقف خلف هذه العطاءات رجال أعمال أمريكان ويهود صهاينة، يهدفون بذلك إلى المسارعة في نقل السفارة وتخفيف العبء المالي عن الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية.

وبين أن أبرز المتبرعين للدعم هو رجل الأعمال والملياردير الأمريكي اليهودي شيلدون أديلسون، وهو مالك صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية التي توزع مجاناً في الوسط اليهودي في فلسطين المحتلة، مشيرًا إلى أن أديسون تربطه علاقة صداقة قوية جداً برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وأشار الصالحي إلى أن أديلسون هو الذي قاد الحملة الانتخابية للرئيس ترامب بدفعه مبالغ فاقت الـ 30 مليون دولار في سبيل إنجاح الحملة آنذاك، إضافة إلى تأسيسه جمعية أديلسون فاونديشن الأمريكية والتي تعتبر أكبر مؤسسة خيرية داعمة لـ(إسرائيل) في العالم.