بعد اختناق منزلهما بالغاز السام الذي يطلقه جنود جيش الاحتلال على الفلسطينيين قرر الزوجان الفرار، خشية على طفلهما الرضيع من الموت اختناقًا، وعندما بدأا الركض مبتعدين عن المكان الملوث بالغاز وجنود الاحتلال رمى أحد الجنود الإسرائيليين بين أرجلهما قنبلة صوتية، أصابت الطفل ووالديه بالهلع وعرضت حياتهم _وخاصة الطفل الرضيع_ للخطر الشديد.
الشرطة الإسرائيلية بررت المشهد غير الإنساني بأنه إجراء دفاعي اتخذه جيش الاحتلال، وأن الجنود لم يروا الطفل، وأن هيئة الزوجين كانت تشبه مقاومين فلسطينيين يفرون من الاعتقال بأي ثمن.
رواية الشرطة الإسرائيلية غير صحيحة إطلاقًا، لأسباب كثيرة، منها أن الزوجين كانا قريبين من الجنود حيث يمكن للجنود رؤية الطفل، أيضًا تعلق الزوجة بذراع زوجها وهما يفران لا يدل على هيئة مقاومين، والدليل الأقوى أن الجنود الأربعة لم يتصرفوا كان أمامهم خطر من أي نوع كان؛ فبنادقهم لم تكن مصوبة تجاه الزوجين، ولم يحاولوا اللحاق بهما مطلقًا، ولم يلتفتوا إلى مكان فرارهما، إن كانوا يخشون تهديدهما، وكل ما في الأمر أن جنديًّا جبانًا ألقى بالقنبلة ببرود أعصاب ووحشية لا مثيل لها.
ولكن لماذا لم يظهر الزوج طفله لجنود جيش الاحتلال حتى يتفادوا الخطر؟، بكل بساطة نقول: إن احتضان الأب لطفله وحمايته بجسده وذراعيه كانا تفاديًا لإعدامه على طريقة إعدام الطفل الشهيد محمد الدرة، فذلك المشهد لا ينسى، وسيظل ماثلًا أمام كل أب يريد حماية أطفاله من رصاص المحتل الإسرائيلي، الذي يتلذذ باستهداف الأطفال والنساء والشيوخ حتى المعاقين والضعفاء من أبناء شعبنا الفلسطيني.
عندما تنفذ عملية دهس أو طعن أو أي عملية ضد جيش الاحتلال يبدؤون بالبحث عن المنفذ وشركائه، والسلاح المستخدم في العملية، ولكنهم لا يلتفتون مطلقًا إلى من حرض هؤلاء على استهداف جنود جيش الاحتلال، ولذلك يفشلون في منع العمليات، فأنا لا أستبعد _على سبيل المثال_ أن يكون الجندي الذي استهدف طفل بورين هو المحرض على عملية الدهس في عكا، ولذلك على كيان الاحتلال أن يفهم أن احتلاله هو السبب لوجود المقاومة، وأن حصار غزة والقتل بدم بارد في الضفة الغربية وتهديد المقدسات وعربدة المستوطنين كلها أسباب إضافية تزيد من الغضب الفلسطيني وثورته على الاحتلال، خاصة أن شعبنا يشعر أنه أصبح كالأيتام على موائد اللئام، وليس هناك من يدافع عنه أو يحاول توفير الأمن له، بل كل من حوله من عرب وعجم يتآمرون عليه، فما الذي تنتظرونه منه سوى الانفجار؟!