يواجه العمال الفلسطينيون من سكان الضفة الغربية والعاملون داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948م، سلسلة مضايقات وإجراءات التعسفية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل شبه يومي، خلال توجههم لأماكن أعمالهم.
أقرب وصف يُمكن إطلاقه على العمال الفلسطينيين منذ لحظة خروجهم من منازلهم منتصف الليل وحتى وصولهم أماكن العمل، هو "رحلة العذاب"، حيث يتعرضون خلالها للتفتيش والاعتقال تحت مبررات وذرائع واهية.
وضمن حملة التضييق على العمال، شنت قوات الاحتلال الإسرائيل، أمس، حملة لملاحقة العمال الذين دخلوا الأراضي المحتلة للعمل وتوفير لقمة العيش لأولادهم، طالت 40 عاملاً، بزعم عدم حيازتهم "تصاريح دخول".
وبحسب ما ذكره جيش الاحتلال لوسائل الإعلام، فإنه شرع بحلمة واسعة لإحباط دخول الفلسطينيين للأراضي المحتلة، عبر نصب كمائن ورصد التحركات.
ويؤكد المختص في الشؤون العمالية والنقابية في بيت لحم، الحقوقي إبراهيم ذويب، أن العمال يتعرضون لانتهاكات ومضايقات يومية، منذ اللحظة الأولى لانطلاقهم للعمل.
ويوضح ذويب خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أن العمال الفلسطينيين العاملين في المشاريع الإسرائيلية يصنفون لعدة تصنيفات إسرائيلية، وفيها "انتهاك لحقوق الإنسان وحرية العمل والتنقل".
وتتمثل تلك التصنيفات في "عمال منظمين يحصلون على تصاريح من مكاتب العمل الإسرائيلية، وآخرين حاصلين على تصاريح تجارية، وفئة ثالثة يعملون دون حصولهم على تصريح"، بحسب كلام ذويب.
ويقول: إن هؤلاء العمال يعيشون داخل (إسرائيل) في ظروف لا تناسب الطبيعة البشرية أو الإنسانية، "وهذه جزء من السياسات الإسرائيلية المستمرة بالقمع والتعسف بحق أبناء الشعب الفلسطيني".
وينتقد ذويب سياسة التقصير من قبل السلطة الفلسطينية والنقابات المختصة بالعمال في متابعة حقوق هذه الفئة، مضيفاً أن "استمرار الانتهاكات بحقهم يُظهر التقصير الملموس من جهات الاختصاص والعاملين في إطار الحماية والعدالة، في رقابة ما يتعرضون له من الاحتلال".
ويطالب السلطة بالقيام بدورها تجاه فئة العمال، من خلال ملاحقة سلطات الاحتلال على جرائمها ضدهم، أمام المؤسسات الدولية، داعياً إياها للإسراع بتسليم طلبات لمنظمة العمل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لملاحقة الاحتلال على جرائمه.
كما يناشد، السلطة أيضاً للاهتمام بالعمال من خلال توزيع عادل لموازنتها يسهم في خلق مشاريع صغيرة تدعمهم، وتدفعهم للعمل في إطار المناطق الفلسطينية، ما يشكل لهم حالة من الاستقرار والرغبة في العمل في المشاريع المحلية.
نقابات شكلية
بدوره، ينتقد مسؤول الصحة والسلامة المهنية العمالية في الاتحاد العام لنقابات العمال سابقا مصطفى حنني، سياسة التجاهل والإهمال التي تنتهجها النقابات العمالية تجاه فئة العمال الفلسطينيين العاملين في الداخل المحتل.
ويقول حنني لـ "فلسطين"، إن النقابات العمالية في الضفة الغربية "شكلية وواجهة فقط"، ولا تستطيع اتخاذ أي اجراءات لحماية العاملين في الأراضي المحتلة من انتهاكات الاحتلال.
ويوضح أن الاحتلال يسعى من خلال هذه الممارسات إلى تعذيب العمال، ودفعهم للهجرة، والتي تأتي عبر التجويع، وإحساسهم بالذل، وعدم القدرة على مواجهته.
ويؤكد أن الاحتلال يُمارس ضد العمال الفلسطينيين انتهاكات وممارسات عنيفة، لا سيما أنهم لا يتمتعون بحماية من نقابات العمال، مثل الاعتقال والنصب ودفع غرامات باهظة ومنعهم من دخول مناطق الداخل المحتل، بدعوى خرقهم القانون الإسرائيلي.
ويُرجع حنني ما يتعرض له العمال، إلى عدم وجود اقتصاد وطني قادر على تشغيلهم في الضفة الغربية، وعدم دفع رواتب كافية تسدّ رمق عائلاتهم.
ويطالب حنني، السلطة بالعمل الحقيقي لحل مشكلة هؤلاء العمال، والاهتمام بقضاياهم، من أجل ضمان حياة كريمة لهم ولعائلاتهم.
يُشار إلى أن عدد عمال الضفة العاملين في الأراضي المحتلة يتجاوز الـ 100 ألف عامل ممن يصنفهم الاحتلال "غير منظمين"، فيما يبلغ عدد "المنظمين"، 60 ألف عامل، وفقاً لحنني.
وعلّق رئيس اتحاد نقابة الصناعيين في (إسرائيل) شرغا بروشن، في تصريح سابق على زيادة الأعداد قائلاً: "إن هذا الرقم هو الأكبر منذ إقامة (إسرائيل) عام 1948م".
ووفقا لمعطيات نقابة الصِنَاعيين الإسرائيليين فإن عدد العمال الفلسطينيين سيزداد العام المقبل 2018 بنسبة 25%.
وزعم بروشن أن زيادة عدد العمال الفلسطينيين العاملين من الضفة المحتلة يسهم في الهدوء الأمني في (إسرائيل).