فلسطين أون لاين

​كل الخيارات أمامها "مرة"

مركبات "اللون الأصفر" تقاوم الانقراض من المواقف العمومية

...
غزة - يحيى اليعقوبي

يعرض السائق العمومي سمير الكرد، مركبته العمومية من نوع "باص حمولة عشرة ركاب" للبيع بسعر 3 آلاف دولار، رغم شرائه بمبلغ 10 آلاف دولار، لكن دون أن يجد مشتريا واحدا على الأقل لمركبته.

ويرجع الكرد، أسباب عرض مركبته للبيع؛ بشكل متكرر، لعزوف الركاب عن التنقل بين المحافظات في هذه المركبات، وتراجع دخلها اليومي في مقابل تزايد حالات الصيانة الدورية لها.

ويقول الكرد بنبرة صوت غاضبة لصحيفة "فلسطين": "عرضت مركبتي للبيع لأني لا استطيع اصلاحها، أو دفع ثمن تكاليف التراخيص المتراكمة عليها منذ أربعة أعوام".

وليست هذه المشكلة الوحيدة التي دفعت هذا السائق للتفكير ببيع سيارته، بل المسألة الأخرى هي عدم وجود حركة ركاب للمواقف العمومية التي تنقل المواطنين بين المحافظات، نتيجة عزوفهم وكذلك طلبة الجامعات عن التنقل من خلالها، لتفضيلهم ركوب المركبات ذات حمولة أربعة ركاب.

ويضرب بيديه على هيكل مركبته ويضيف: "تقيّم المركبة من دخلها، واليوم أصبحنا معدومي الدخل، فحينما تخرج يوميا من موقف المركبات العمومية في محافظة رفح خمس مركبات يوميا، فهذا يعني أنه لا يوجد مركبات عمومية بالفعل (..) لذلك أصبحت أوضاعنا المعيشية صعبة في كل الاتجاهات".

وبالكاد يجني الكرد دخلا يوميا يصل إلى 20 شيقلا، وفي أفضل الحالات يجني 40 شيقلا، ويعود أحيانا إلى عائلته خالي الوفاض دون أي دخل، ويستدرك: "حتى ثمن الوقود لتشغيل المركبة نحصل عليه من الركاب، فإن غاب الركاب وعزفوا فلا نستطيع حتى تشغيل المركبة".

ويصف أحوال زملاء المهنة: "نعيش أوضاعا كارثية، انعكست سلبا على عدم قدرتنا على تغطية تكاليف الترخيص والتأمين، وعلى مستوى معيشتنا الذي أصبح متدنيا، فلا يمكن أن نعلم أبناءنا بالجامعات".

"الوضع سيئ وواقعنا مأساوي .. لا استطيع اليوم شراء حتى الخبز"، قالها السائق العمومي محمد النجار.

ويقول النجار – الذي يعيل 8 أبناء بينهما طلبة جامعية وآخرون عاطلون عن العمل -

قيمة الدخل اليومي لعمل يزيد عن عشر ساعات، لا يتجاوز 20 شيقل، أتقاسمها مع صاحب المركبة العمومية.

ويلخص أبرز مشاكل السائقين العموميين في القطاع: انعدام وجود دخل مادي لتعبئة السولار، وتغطية تكاليف الترخيص والتأمين، لافتا إلى وجود التزامات متراكمة على السائقين بخصوص الترخيص.

ويلخص السائق المسن أبو عادل كلاب، الأوضاع المعيشية لسائقي العمومي بأنها "أدنى فئة اليوم من بين فئات المجتمع الفلسطيني"، وفق تعبيره.

مهددة بالانقراض

من جهته، أوضح نقيب السائقين العموميين جمال جراد، أن أوضاع السائقين عامة، صعبة، كحال كافة شرائح المجتمع في قطاع غزة؛ بفعل الحصار الإسرائيلي والأزمات المعيشية والإنسانية المتفاقمة.

وقال جراد لصحيفة "فلسطين": "إن السائقين وخاصة العموميين لا يستطيعون توفير قوت يومهم، كما أن مركباتهم تتعطل عن العمل وأن الكثير منها تعرضت للخراب، فضلا عن غلاء سعر السولار الذي لا يستطيع السائقون شراءه بسبب قلة الدخل".

وأفاد جراد بأن عدد السيارات العمومية انخفضت من 3000-3500 مركبة في القطاع إلى 1000 مركبة حاليا، عازيا الأمر للحصار المفروض، وكثرة أعداد السيارات ذات الحمولة الأربعة، وعدم توفر قطع غيار لصيانة السيارات العمومية، فضلا عن عدم سماح الاحتلال لإدخال سيارات عمومية جديدة.

وأضاف: "مهنة السائقين العموميين أصبحت مهددة بالانقراض، وهذا نتيجة لجوء الكثير من الشباب والخريجين إلى العمل كسائقين، مما أدى إلى كثرة أعداد السيارات الصغيرة ذات الأربعة ركاب وبالتالي تراجع الدخل".

وأشار إلى أن سائقي العمومي لا يستطيعون تغطية مصاريف صيانة مركباتهم، فيضطرون لتقطيعها وبيعها كقطع غيار بـ "أبخس الأثمان"، داعيا إلى رفع الحصار عن غزة، ورفع العقوبات التي فرضتها السلطة أيضا والتي أثرت كذلك على شريحة السائقين.