فلسطين أون لاين

​درس من انتصار الكنيسة

ما حققه أهل القدس خلال معركتهم بكسر قرار الاحتلال بخصوص كنيسة القيامة؛ من خلال تلاحم ووحدة في الميدان بين مسلميهم ومسيحييهم، أجبرت رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين "نتنياهو" على الانكسار، يبنى عليه لاحقا، مع عدم إغفال عوامل موضوعية وذاتية ومحلية وإقليمية، عززت انتصار القدس يجب دراستها واستثمارها لاحقا بشكل جيد.

لو مر قرار الاحتلال بفرض جباية الضرائب "الارنونا" على كنيسة القيامة وبقية الكنائس في القدس، دون اعتراض أو احتجاج بالإضراب، وتضامن القدس بمسلميها ومسيحيها، لتم تطبيقه وفرضه ولشجع الاحتلال على المضي قدما، في تهويد القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية معا، ما دام لا احد يحتج.

فرح أهالي القدس- مسلميهم ومسيحيهم- وأفرحونا معهم، ومن حقهم أن يفرحوا، بكسر قرار الاحتلال والانتصار في هذه الجولة المؤقتة، التي من المفترض أن يبني عليها، ولا يتم تقزيمها أو إضاعتها؛ على يد أصحاب فكر الهزيمة والانبطاح، وما باليد حيلة، وان مقاومة المحتل لا تجدي نفعا.

قرار بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، بتجميد قرار فرض جباية الضرائب "الأرنونا" مرحليا على الكنائس في المدينة، جاء بعد أن أغلقت كنيسة القيامة أبوابها ثلاثة أيام بناء على توافق بين الطوائف المسيحية الثلاث الروم واللاتين والأرمن؛ رفضاً لفرض سلطات الاحتلال ضريبة "الأرنونا" على الأملاك الكنسية بأثر رجعي منذ عام 1967، ومن ثم إقدامها على الحجز على حسابات بنكية تابعة للكنائس.

انتصر المسجد الأقصى قبل أشهر على الاحتلال بكسر قرار وضع كاميرات مراقبة على بواباته، وانتصرت قرية بيتا بكسر قرار وضع بؤرة استيطانية فوق أراضيهم، والآن الكنائس تنتصر على الاحتلال الغاشم، مما يعني أن الاحتلال ليس قدرنا ويمكن هزيمته بالوحدة والتخطيط الجيد المتقن.

درس بليغ من القدس المحتلة، أن لا نصر بدون وحدة واحدة وتوجيه صحيح للبوصلة؛ فكل التناقضات الداخلية تبقى داخلية، ولا بد من النظر وتوحيد الجهود نحو التناقض الرئيس وهو الاحتلال، ولا يصح هدر الطاقات في معارك ثانوية، فأهل القدس كلهم كانوا على اتقى قلب رجل واحد في معركة الكاميرات ومعركة فرض الضرائب، وهو ما سرع في هزيمة "نتنياهو" المتعجرف.

إغلاق الكنيسة هو الإغلاق الثاني للكنيسة في تاريخها، إذ أغلقت لمدة 48 ساعة في عام 1990 عندما استولت جمعية استيطانية على مبنى الضيافة في دير مار يوحنا المقابل لكنيسة القيامة.

الكنائس انتصرت على الاحتلال في هذه المعركة في إطار الحرب الاحتلالية ضد كل من هو غير يهودي صهيوني، من خلال إعلان حكومة الاحتلال تجميد قرار بلدية القدس بفرض ضرائب الأملاك على المؤسسات الكنسية، وأيضاً تجميد أي تشريع في الكنائس يستهدف تسهيل مصادرة العقارات التابعة للكنائس، فالحراك والضغوطات أدت لنتيجة ناجحة، فلكل فعل رد فعل، والعالم لا يعرف السكون.

بديهي أن المعركة لم تنتهي وفي بدايتها مع الاحتلال، وهي ذات جولات ولا يصح الاكتفاء والاسترخاء، والنزول المبكر عن الجبل، فما حصل هو انتصار في جولة وليس في معركة كسر عظم، مع احتلال يبيت النية للمزيد من المس بالمقدسات والفلسطينيين، ولا يصح إعادة السيف إلى غمده ما دامت المعركة مستمرة.

في المحصلة كشف الحراك المقدسي مرة أخرى جدوى المقاومة الشعبية المدروسة والمتفق عليها، ودفع باتجاه كشف المزيد من صور ضعف الاحتلال والثغرات التي ممكن الدخول من خلالها وكسر قراراته، ولنا في أهل القدس النشامى الدروس والعبر، كيف أنهم يحققون بمقاومتهم انجازات ونقاط تتراكم لاحقا، حتى كنس الاحتلال.