عند الانتقال من حياة لأخرى نواجه مصاعب شتى في التكيف مع هذه الحياة الجديدة، بالذات عند تلك الفئة التي كانت قد أشغلت رأسها قبل هذا الانتقال في فترة الخطوبة بتخيل وردية هذه الحياة التي تنتظرها، فماذا ينتظر الأزواج في سنتهم الأولى؟!
لا نريد أن نسبق الأحداث قبل أن تحدث، لكن علينا أن ننظر باتجاه كل الزوايا التي قد تحدث خلافات في الحياة الزوجية في الفترات الأولى من هذه التجربة الحياتية التي من المفروض أن تكون أبدية.
إن الإغراق العاطفي الذي يلاقيه كل من الزوجين في مرحلة الخطوبة يرسم لهما أبعاد السنة الأولى من الزواج، والتي قد يعتقدون أنها ستكون الأجمل في سني عمرهم، ألا وهي "سنة أولى حب"، والتي سيكون فيها الدلال على أوجه، والحب قد وصل فيه الذروة على منحنى العاطفة، وأن الحياة ستفتح لهم أبواب الأحلام، وكل ما يتمنونه سيكون متاحا... علي الأغلب أن هذا لن يحدث في السنة الأولى، أو ربما يحدث لكن في حالات نادرة، والغالب أن ما يحدث يكون مغايرا تماما عن باحة الخيال التي صالت وجالت في رؤوسنا في فترة الخطوبة أو ما قبلها من فترة "الأحلام الوردية" والتي ترسمها كل فتاة وكل شاب لحياتهم المستقبلية.
إن أخطر فترة في حياة الأزواج وما نسميها بالفترة الحرجة، هي السنة الأولى والتي تتكشف فيها حقائق عدة لم نكن على دراية مسبقة بها، أو لربما تحدث أمور لم نكن نتوقعها بما فيها اختلاف الأطباع، طريقة الحلول للخلافات التي تبرز فجأة وربما تكون صغيرة، لكنها تتضخم مع اختلاف وجهات النظر، والتي قد لا يتقبلها طرف من قبل آخر، وربما من خلال تدخل أطراف خارجية في هذه الحياة، أو عدم تكيف مع عادات العائلة الممتدة الجديدة رغم انفصال الزوجين عنها لكنها تحدث مع الاحتكاك العائلي كطبيعة حياتية.
كل هذا يجعلنا نفكر جيدا في مضمون تخيلاتنا عن الحياة الجديدة التي تقطر حبا في سنتها الأولى، ونفكر بأنها ربما تكون الأصعب، وعلينا وضع الخطط المسبقة، مع الاحتمالات التي يمكنها أن تقيم الحلول المثلى في حال بروز مثل هذه الأمور. فالحياة لن تكون دلالا طيلة الوقت، ومساحات من الحب الذي تشبعت به العقول من المسلسلات التركية والهندية والأفلام المصرية والدراما السورية... سيكون هناك تفاوت في حجم التقبل للاختلافات من كل طرف تجاه الآخر، ستكون هناك مسؤوليات تطل برأسها تجاه الطرفين من: تحمل كل واحد أخطاء الآخر بالدرجة الأولى، الصبر الذي لا يتقنه الكثيرون، فمن لديه المقدرة على الصبر للوصول للتغيير المنشود في شخصية الطرف الآخر؟! المسؤوليات المادية، سواء في تحمل الأعباء المالية من تبعات الزواج، أو تحمل الأمور المادية القائمة على إقامة بيت والمحافظة عليه، الاستعداد التام لاستقبال فرد جديد والقيام عليه وتحمل كل التغيرات المترتبة على ذلك، ونقصد بها استعدادكَ للأبوة، واستعدادكِ للأمومة" وهل يستطيع الطرفان أن يحافظا على حياتهما بذات الرتم المنشود مع وجود طرف جديد يتطلب مسؤوليات عظيمة، معنوية ومادية؟ كل هذه الأمور تجعلنا نفكر في كيفية كسب هذا الوقت، ونعني به "المرحلة الأولى" لصالح تسجيل أهداف تكون لصالحه، بحيث تبقى هذه السنة محملة بأجمل الذكريات؛ وكي لا ينفرط العقد من أول خلاف، ومن عثرة قد تواجه هذه الحياة التي اعتقد البعض أنها ستسير تماما وفق هواه.
يلزمنا لتجاوز مثل هذه الفترة الكثير من الصبر، والتفهم، وتقبل الرأي الآخر، وبعض التجاوز، ونقول: بعض التجاوز؛ لأن هناك أمور نتجاوز عنها بالمعقول دون الإفراط حتى لا تكون بعد ذلك ديدن حياة.
يلزمنا الكثير من التعاون والإخلاص، فبقدر ما تدفع فاتورتك من الحب، تنل رصيدا من الحب أكبر مما تتوقع، وبقدر ذكائك العاطفي، وحكمتك في التصرف، تحصل على أفضل النتائج التي تزيد من ثقة الطرف الآخر بك.
الحياة مضمار للتعب والراحة، فلا نضيع الراحة الأبدية بسبب عدم تحملنا لتعب مؤقت. إن ما نزرعه من حب واحترام واهتمام، سنجنيه أضعافا مضاعفة من السعادة بعد ذلك، فكونوا قيد الحب تكن لكم الحياة.