فلسطين أون لاين

أهل الغوطة.. سلام عليكم قوم مظلومون

في غوطة الشام لنا إخوان وأحباب، تحول ليلهم إلى نهار، براميل متفجرة، وصواريخ مدمرة، وحرب عليهم لا تهدأ ليلاً أو نهاراً، كأنهم يعيشون عرسات يوم القيامة، ولا مغيث لهم ولا مجيب، في كل لحظة يفارقون حبيبا، ولا يعرفون إلى أين المسير، ضاقت عليهم الدنيا بما وسعت، وليس لهم ملجأ إلا الله، يستغيثون ليل نهار بالعرب وبالمسلمين ولا مغيث ولا مجيب.


جوعى، عطشى، موتى، ولا مغيث إلا رب العالمين، ينادون كل أصقاع الأرض ولا معين، الكل تخلى عنهم، والكل يبحث عن أخبار غيرهم، لا يريدون سماع صوت بكائهم، وأنين جراحاتهم، وزقزقة أمعائهم، حفاة عراة لا يملكون إلا البكاء والعويل، فيا ليت شعري كيف السبيل إلى نجدتهم، ومن يغيثهم ويرفع عنهم ليل الظالمين.


والعرب في شغلهم لاهون، لا يعبؤون بهم ولا هم يحزنون، وقليل هم الذين قلوبهم تتحرق لألامهم وأوجاعهم، وقليل هم الذين يبكون على حالهم ويتمنون أن يرفعوا عنهم آلامهم، فإلى متى هذا الحال الأليم يا أمة كانت ورب الناس خير العالمين.


ترى أشلاءهم متناثرة، وجثثهم مقطعة، في كل وادٍ وفي كل طريق، وأحبابهم من خلفهم ينظرون إليهم فيجري الدمع على صحائف وجوهم أنهاراً وسيولاً، ولا يملكون إلا الصبر وقول حسبي الله ونعم الوكيل، فلهم الله من قوم مظلومين، تآمر عليهم البعيد والقريب، ولا ناصر لهم ولا معين إلا رب العرش العظيم.


وشهيد يكفن شهيدا ويشيع شهيدا ويدفن شهيدا، كلهم شهداء ينتظرون لحظة نفاد سهم القدر إليهم، فلا عزاء ولا بكاء، الكل يودع الكل، والكل ينتظر لحظة اللحاق بالأحباب السابقين، فسلام عليكم من قوم مظلومين.


سلام على شهيدكم، وجريحكم، سلام على بيوتكم المدمرة، وشوارعكم المخربة، سلام على نفوسكم الحزينة، وقلوبكم الجريحة، سلام عليكم يا إخواننا في الشام، سلام عليكم يا أحبابنا، فلسنا نملك إلا أن نبكي لبكائكم، ونحزن لحزنكم، وندعو الله أن يفك عنكم ظلم الظالمين.


فعالمنا الذي نعيش فيه لا يعترف إلا بلغة القوة، فلا يملك أي رحمة، فالمصلحة والمنفعة قبل أي اعتبار أخلاقي، وكل دعاة الحرية والكرامة والديمقراطية يخرسون عندما تمس الحرية والكرامة والديمقراطية مصالحهم، فالحرية جميلة عندما توافق أهواءهم، وقبيحة عندما تعارضها، فلا تطمعوا أن يرفعوا عنكم أي ظلم أو جور، فهم شركاء السفاحين والظالمين في جرائمهم بسكوتهم.


يا أهلنا المعذبين في غوطة الشام، جنة الله في أرضه والتي أصبحت جحيماً على يد هؤلاء الظالمين، الذين لا يرحمون طفلاً أو امرأة أو شيخاً، وكل همهم كرسي زائل لم يدوم لأحد ولن يدوم لهم، صبراً يا إخواننا لعل فرج الله قريب، صبراً وإن ضاقت بكم السبل، صبراً وإن عز النصير والمعين، فلا ملجأ إلا الله، ولا ندعو إلا بما دعا به نبينا المصطفى يوم ضاقت به الأرض، اللهم نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، يا أرحم الراحمين، يا رب المستضعفين، أنت ربنا، إلى من تكلنا، إلى بعيد يتجهمنا، أم عدو ملكته أمرنا، إن لم يكن بكعلينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا.