فلسطين أون لاين

​عندما يتجرع التاجر من "كأس الحصار".. فالخسارة تعمّ

...
غزة - صفاء عاشور

لا أحد ينكر أن أي اقتصاد في العالم مرتبط بمنظومة محددة، إن تأثر جزء بسيط فيها، فإن الأثر ينعكس على باقي المنظومة، وهذا الحال في قطاع غزة تلك البقعة الصغيرة التي لا تكاد تُذكر والتي تمرّ بواحدة من أصعب المراحل في تاريخها.

فالحصار الذي عمد الاحتلال الإسرائيلي على فرضه على قطاعات المجتمع الغزي كافة، جاء بعد 11 سنة ليكشف عن هول الجريمة التي ارتُكبت بحق مليوني إنسان في القطاع، تفتقر نسبة كبيرة منهم لأدنى متطلبات الحياة.

هذا الحصار الذي طال الصغير والكبير والغني والفقير أطبق على جيوب العديد من التجار، ولم يخجل من أن يهددهم بالزج في السجون بسبب "الشيكات" المرجعة، ليس لأنهم "نصابون" أو "محتالون" ولكن لأن الظروف الاقتصادية جعلتهم ضعفاء بشكل لم يسبق له مثيل.

شعرة قصمت الظهر

من هؤلاء التجار، التاجر بسام عطا الله صاحب مصانع الباطون والبلوك في مدينة غزة، والذي استعرض مع "فلسطين" مراحل الخسارة والدمار الذي لحق به وبغيره من التجار وأصحاب المصانع في قطاع غزة.

لا يزال "عطا الله" يستذكر تلك السنوات التي سبقت الحصار والتي كانت فيها تجارته مُيسرة، سواء فيما يتعلق باستيراد المواد الخام، أم الآلات، أم غيرها من مستلزمات الصناعة التي منعها الاحتلال بشكل شبه كامل بعد فرضه للحصار في منتصف 2007.

ولم تقتصر معاناة عطا الله وغيره من التجار على منع المواد الخام من الدخول للقطاع، بل أيضاً تأثروا بارتفاع أسعارها في حال تواجدها إن تم إدخالها عبر الحدود مع مصر، الأمر الذي زاد من تكاليف الإنتاج عليهم وتسبب بخسائر لم يستطِع العديد من التجار مجاراتها.

وأوضح أنه بعد هذه المآسي، جاءت أزمة الكهرباء لتكون بمثابة الشعرة التي قصمت ظهرهم، فبسببها تراجع العمل في المصانع مما أدى إلى تراجع القدرة الإنتاجية والذي انعكس تلقائياً على تقليل العمالة في المصانع كافة وزيادة نسبة البطالة.

آلاف العمال

مصائب عديدة ضربت قطاع غزة خلال سنوات الحصار العشر، كان من أكثرها صعوبة، بحسب عطا الله، إجراءات اتخذتها السلطة الفلسطينية فكان لها الأثر الأكبر في التسبب بتدهور الحال بشكل أكبر من أي وقت سابق، إذ قال: "الخصم من رواتب موظفي السلطة انعكس بشكل كبير على عملنا، وأدى إلى تراجع الأموال التي يتم تحصيلها من الكثير من الموظفين الذين بدأوا في بناء بيوتهم على أن يكون الدفع بالتقسيط".

ولفت إلى أن الخسائر بدأت تلحق به بشكل ملحوظ خلال السنة الماضية، حيث تراجع رأس المال الذي يمتلكه، وتكبد خسائر وصلت لآلاف الدولارات، واضطر لتسريح العمال الذين يعملون في مصنع الباطون والبلوك الخاص به.

وقصة بسام عطا الله هي واحدة من بين آلاف القصص لتجار ورجال أعمال يعانون نفس المعاناة في قطاع غزة، وأدى تدهور أحوالهم إلى تدهور أحوال آلاف الأسر المرتبطة بهم، كحال العمال الذين يعملون في المصانع والشركات المتضررة، والذين تم تسريح أعداد منهم، وهذا يعني أن خسارة تاجر ما، تعني أن سلسلة كاملة انفرطت دون أن تجد ما يجمعها.