بداية مقدم فكرة هذه القرصنة هو أفيغدور ليبرمان، مرتزق من اليهود الروس، عاش طيلة حياته على القرصنة، كانت بدايته عندما تقرصن على الطائفة اليهودية، ولا ندري كيف صار يهوديا، سمع أن هناك مشروعا استثماريا يوفر فرصة عظيمة للاستثمار، فركب موجات الهجرة إلى حيث الاستثمار الخيالي، وجاء إلى هذه البلاد ليتقرصن من جديد على الصهاينة الروس، فشكل حزبا باسمهم وصار له اسم في المشهد السياسي، وصار فيما بعد جزءا من الحكومة ومن صناع القرار فيها، تنقل في عدة وزارات، وأخيرا صار وزيرا للجيش، وهي من أهم وزارات الحكومة.
عقلية القرصنة لم تتغير، فانطلق أخيرا إلى حيث تتشرعن.. جاء إلى الكنيست الإسرائيلي الذي شرعن القرصنة على الأرض بالاستيطان، وشرعنها على كل مكونات الحياة الفلسطينية، المياه والطرق والمعابر والاقتصاد، حيث كان من مقدمات هذه القرصنة اتفاق باريس ورهن الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي، وجعل مداخل اقتصادنا ومخارجه كلها بيده، فأصبحت الضريبة التي يجنيها كمثوبة لاحتلاله بدل أن يدفع ثمنا لهذا الاحتلال.. أصبح احتلالا مربحا وكان له أن يضع يده على المال الفلسطيني ويتحكم به كما يحلو له.. ويرى المقرصن الكبير ليبرمان أن من حقه أن يخصم مخصصات الأسرى والشهداء الفلسطينيين من المال الفلسطيني المستحق عندهم.. ويجيزه في ذلك مجلس القرصنة المسمى "الكنيست".
من أية طينة من البشر هؤلاء؟ كيف يعتقدون أن هذا التصرف بمال الغير هو حق لهم؟؟، تتصور هذه العقلية المتغطرسة وبصلفها غير المسبوق أن الفلسطيني مستباح الدم والمال وكل شيء.. الفلسطيني هو ملك يمينهم، هم الأسياد وهو عبد يعمل تحت أقدامهم.. هذا الغرور المطلق وهذه الفوقية السادية التي ينظرون من خلالها إلى الفلسطيني هما مصدر هذا التفكير.. كيف يكشفون ظهورهم أمام العالم وعلنا بهذه المخازي ذات الرائحة الكريهة ويقررون في مال غيرهم، وما لا حق لهم فيه بأي حال من الأحوال؟ هذه جريمة تمارس في وضح النهار وعلى الهواء مباشرة، ألا يوجد في العالم من يقول لهم إنكم قد تماديتم في طغيانكم، وحكمتم في مال ليس لكم حق فيه أصلا.
ثم هل إنهم لا يعرفون المكانة التي يحظى بها الشهداء والأسرى عند أي شعب أو أمة من أمم هذه الأرض، أم أن الفلسطينيين عندهم خارج السياق البشري ولا يعدون من البشر؟؟
وعندهم كيف يحظى أهل جنودهم الذين قضوا في الحروب؟ وكيف يحظى أسراهم؟ ما بالهم في صفقات التبادل (بدلوا أسيرهم بألف).. ماذا لو طالب الفلسطينيون بوقف رواتب هؤلاء؟ هم جنس من البشر قد خلق من الذهب الخالص، بينما الفلسطيني مخلوق من طين؟؟ هذا والله هو حال إبليس عندما قال عن آدم عليه السلام خلقتني من نار وخلقته من طين، هذه هي العنصرية السادية التي لم يسبقهم عليها أحد.
ثم هل وجدنا استعمارا يطالب شعبا قد وقع تحت سيادته بألا يحترم أسراه وشهداءه؟؟ إن فعلهم هذا بمثابة مطالبة الفلسطينيين بوقف تقديم الاحترام لشهدائه وأسراه، وضرب القيمة الوطنية العالية التي تمثلها نضالات وتضحيات الأسرى والشهداء.. وهذا بالطبع من المستحيل بمكان لأن هذه القيمة التي يمثلها الأسرى والشهداء تتوازى تماما مع الوطن والقضية والروح.. هي بالضبط بمثابة المطالبة بنزع الوطن والقضية من روح الفلسطيني.. فهل هذا ممكن ؟؟ أعتقد أن لا أحد يقبل إلا إذا وافقنا أن ينزعوا منا أرواحنا.